| كنا وقد أزف المساء | نمشي الهوينا في الخلاء | 
| ثملين من خمر الهوى | طربين من نغم الهواء | 
| متشاكيين همومنا | وكثيرها محض اشتكاء | 
| حتى إذا عدنا على | صوت المؤذن بالعشاء | 
| سرنا بجانب منزل | متطامن واهي البناء | 
| فاستوقفتني وانبرت | وثبا كما تثب الظباء | 
| حتى توارت فيه عني | فانتظرت على استياء | 
| وارتبت في الأمر الذي | ذهبت إليه في الخفاء | 
| فتبعتها متضائلا | أمشي ويثنيني الحياء | 
| فرأيت أما باديا | في وجهها أثر البكاء | 
| ورأيت ولدا سبعة | صبرا عجافا أشقياء | 
| سود الملابس كالدجى | حمر المحاجر كالدماء | 
| وكأن ليلى بينهم | ملك تكفل بالعزاء | 
| وهبت فأجزلت الهبات | ومن أياديها الرجاء | 
| فخجلت مما رابني | منها وعدت إلى الوراء | 
| وبسمت إذ رجعت | فقلت كذا التلطف في العطاء | 
| فتنصلت كذبا ولم | يسبق لها قول افتراء | 
| ولربما كذب الجواد | فكان أصدق في السخاء | 
| فأجبتها أني رأيت | ولا تكذب عين راء | 
| لا تنكري فضلا بدا | كالصبح نم به الضياء | 
| يخفي الكريم مكانه | فتراه أطيار السماء | 
| ثم انثنينا راجعين | وملء قلبينا صفاء | 
| مفكهين من الأحاديث | العذاب بما نشاء | 
| فإذا عصيفير هوى | من شرفة بيد القضاء | 
| عار صغير واجف | لم يبق منه سوى الذماء | 
| ظمآن يطلب ريه | جوعان يلتمس الغذاء | 
| ولشد ما سرت بهذا | الضيف ليلى حين جاء | 
| فرحت بطيب لقائه | فرح المفارق باللقاء 
 | 
الأدب العربي
قصيدة “كنا وقد أزف المساء” لجبران خليل جبران
 
			
 
										 
										 
										 
										 
										