أخبار تقنية

هل يمكن التراجع أو تعديل الفاتورة الإلكترونية بعد الإصدار؟

هل يمكن التراجع أو تعديل الفاتورة الإلكترونية بعد الإصدار؟

هل يمكن التراجع أو تعديل الفاتورة الإلكترونية بعد الإصدار؟

منذ تطبيق نظام الفوترة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية، أصبح التعامل مع الفواتير يتم بشكل رقمي بالكامل، ما ساهم في تعزيز الشفافية والحد من التلاعب الضريبي. إلا أن كثيرًا من أصحاب الأعمال والمحاسبين يواجهون تساؤلًا مهمًا: هل يمكن التراجع أو تعديل الفاتورة الإلكترونية بعد إصدارها؟

هذا السؤال يُعد من أكثر الأسئلة شيوعًا في بيئة الأعمال، خصوصًا عند وقوع أخطاء في البيانات أو في قيم الضريبة أو عند الحاجة لإلغاء الفاتورة لسبب مشروع. في هذا المقال سنتناول بالتفصيل مفهوم التعديل والإلغاء في الفواتير الإلكترونية، والضوابط النظامية التي وضعتها هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، بالإضافة إلى الإجراءات العملية التي يمكن اتباعها لتصحيح أو تعديل الفواتير بعد إصدارها.

هل يمكن التراجع أو تعديل الفاتورة الإلكترونية بعد الإصدار؟
هل يمكن التراجع أو تعديل الفاتورة الإلكترونية بعد الإصدار؟

أولًا: ما المقصود بالفاتورة الإلكترونية؟

الفاتورة الإلكترونية هي وثيقة رقمية يتم إصدارها ومعالجتها وتخزينها إلكترونيًا من خلال نظام إلكتروني معتمد، تحتوي على جميع بيانات الفاتورة الضريبية مثل اسم المورد والمشتري، الرقم الضريبي، قيمة الضريبة، ووصف السلع أو الخدمات.
تختلف الفاتورة الإلكترونية عن الورقية التقليدية في أنها تصدر عبر نظام مرتبط بمنصة الهيئة، مما يتيح تتبعها والتحقق من صحتها آليًا.

الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك وضعت مراحل محددة لتطبيق النظام، بدءًا من الالتزام بإصدار الفواتير إلكترونيًا، وصولًا إلى ربط الأنظمة مع منصة “فاتورة” (FATOORA) التابعة للهيئة.

ثانيًا: هل يمكن التراجع عن الفاتورة الإلكترونية بعد إصدارها؟

من الناحية النظامية، لا يمكن “حذف” الفاتورة الإلكترونية أو التراجع عنها بعد إصدارها بشكل نهائي، لأن كل فاتورة تصدر يتم تسجيلها ورقمها وتوثيقها لدى الهيئة.
لكن النظام أتاح حلولًا بديلة لمعالجة الأخطاء أو التعديلات المطلوبة، وذلك من خلال إصدار إشعارات دائن أو مدين لتعديل الفواتير الأصلية.

بمعنى آخر، لا يُسمح بإلغاء الفاتورة بعد إرسالها واعتمادها، ولكن يمكن تصحيحها بطريقة رسمية ومعترف بها عبر الإشعارات الإلكترونية، والتي تعتبر مستندات تعديل معترف بها في النظام الضريبي.

ثالثًا: ما الفرق بين التراجع، الإلغاء، والتعديل في الفواتير الإلكترونية؟

لفهم الآلية الصحيحة، من المهم التمييز بين ثلاثة مفاهيم أساسية:

التراجع (الحذف):
هو إلغاء الفاتورة بشكل كامل وكأنها لم تُصدر، وهذا غير مسموح به بعد أن يتم إصدار الفاتورة واعتمادها، لأن كل فاتورة تُرسل تُعتبر موثقة في النظام ولا يمكن حذفها من قاعدة البيانات.

الإلغاء (الرفض):
إذا كانت الفاتورة صادرة بشكل خاطئ ولم يتم قبولها من قبل المشتري في مرحلة ما قبل الإرسال للمنصة (في بعض الأنظمة الداخلية)، يمكن إلغاؤها قبل اعتمادها رسميًا من الهيئة.
أما بعد الإرسال والاعتماد، فلا يمكن الإلغاء المباشر، بل يتم التعامل مع الفاتورة بإشعار دائن.

التعديل:
هو تصحيح الفاتورة الأصلية من خلال إشعار دائن (لتقليل القيمة) أو إشعار مدين (لزيادة القيمة أو تعديل بيانات معينة).
وهذا هو الإجراء النظامي المعتمد لمعالجة الأخطاء بعد الإصدار.

رابعًا: ما هي حالات الحاجة إلى تعديل الفاتورة الإلكترونية؟

قد تظهر الحاجة إلى التعديل في حالات متعددة، منها:

إدخال بيانات خاطئة عن العميل أو المورد (مثل الاسم أو الرقم الضريبي).

خطأ في الكمية أو السعر أو القيمة الإجمالية للسلع أو الخدمات.

حساب خاطئ لضريبة القيمة المضافة.

إرجاع البضائع أو إلغاء الصفقة بعد إصدار الفاتورة.

تقديم خصم لاحق على الفاتورة الأصلية.

أي تعديل في اتفاق تجاري تم بعد إصدار الفاتورة.

في جميع هذه الحالات لا يتم حذف الفاتورة، بل يصدر إشعار تعديل إلكتروني مع ربطه بالفاتورة الأصلية.

خامسًا: ما هو إشعار الدائن والمدين ودورهما في تعديل الفواتير؟

إشعار دائن (Credit Note):
يستخدم لتقليل المبلغ في الفاتورة الأصلية، مثل عند استرجاع السلع أو تصحيح خطأ في حساب القيمة.
مثال: إذا أصدرت الشركة فاتورة بقيمة 10,000 ريال، ثم تبيّن أن السعر الصحيح هو 9,000 ريال، يتم إصدار إشعار دائن بقيمة 1,000 ريال لتعديل المبلغ.

إشعار مدين (Debit Note):
يستخدم لزيادة قيمة الفاتورة الأصلية أو إضافة رسوم جديدة لم تُدرج مسبقًا.
مثال: إذا أُصدرت فاتورة بـ 8,000 ريال وتبيّن لاحقًا أن هناك خدمات إضافية بقيمة 500 ريال، يتم إصدار إشعار مدين بهذه القيمة.

الإشعاران يجب أن يكونا إلكترونيين ومترابطين مع الفاتورة الأصلية، بحيث يُعرف النظام أن التعديل مرتبط بوثيقة سابقة.

سادسًا: ما المتطلبات النظامية لتعديل الفاتورة الإلكترونية؟

هيئة الزكاة والضريبة والجمارك تفرض عدة شروط لإصدار إشعارات التعديل، منها:

أن يتم إصدار الإشعار عبر نفس النظام الإلكتروني المستخدم لإصدار الفاتورة الأصلية.

أن يتضمن الإشعار مرجعًا واضحًا للفاتورة الأصلية عبر رقمها وتاريخها.

أن يحتوي الإشعار على تفاصيل التعديل (قيمة الخصم، أو الزيادة، أو سبب التعديل).

أن يتم إرسال الإشعار إلى الهيئة بنفس آلية الفواتير الإلكترونية.

أن يتم الاحتفاظ بالإشعار والفاتورة الأصلية في الأرشيف الإلكتروني لمدة لا تقل عن خمس سنوات.

سابعًا: التعديلات المسموح بها قبل الإرسال وبعد الإرسال

قبل الإرسال إلى منصة الهيئة:
يمكن تعديل أو إلغاء الفاتورة في النظام الداخلي قبل أن يتم اعتمادها أو توقيعها رقميًا.
هذا التعديل لا يُعتبر مخالفة طالما لم تُرسل الفاتورة رسميًا.

بعد الإرسال إلى منصة الهيئة:
لا يمكن التعديل على الفاتورة الأصلية إطلاقًا، بل يتم استخدام إشعارات الدائن أو المدين لتصحيحها.
كل إشعار يتم اعتماده كوثيقة رسمية مكملة للفاتورة.

ثامنًا: خطوات تعديل الفاتورة الإلكترونية عمليًا

الدخول إلى النظام الإلكتروني المعتمد لإصدار الفواتير.

تحديد الفاتورة الأصلية المراد تعديلها.

اختيار “إصدار إشعار دائن” أو “إشعار مدين” حسب نوع التعديل.

تعبئة تفاصيل التعديل: الرقم المرجعي، المبلغ المعدل، سبب التعديل.

التوقيع الإلكتروني للإشعار وإرساله إلى الهيئة.

مشاركة الإشعار مع العميل لضمان التوافق بين الطرفين.

الاحتفاظ بنسخة إلكترونية في الأرشيف الآمن.

تاسعًا: ما العقوبات المترتبة على التلاعب في التعديل أو الإلغاء؟

تحذر الهيئة من أي محاولات لتعديل أو حذف الفواتير بطرق غير نظامية.
من أبرز المخالفات:

إصدار فاتورة جديدة بدلًا من تصحيح القديمة دون إشعار دائن أو مدين.

حذف فواتير من النظام الداخلي بعد إرسالها.

إصدار إشعارات غير حقيقية لتقليل الضريبة المستحقة.

تعديل البيانات بعد الإرسال دون إخطار الهيئة.

تُعتبر هذه الأفعال مخالفات ضريبية جسيمة، وقد تؤدي إلى فرض غرامات مالية تصل إلى 50 ألف ريال أو أكثر حسب الحالة، مع احتمالية إيقاف النظام الإلكتروني عن العمل مؤقتًا.

عاشرًا: متى يُسمح بالإلغاء الفعلي للفواتير؟

يمكن الإلغاء فقط في الحالات التالية:

إذا لم تُرسل الفاتورة بعد إلى منصة الهيئة.

إذا كانت الفاتورة تجريبية أو تمت لأغراض اختبار النظام.

إذا تم اكتشاف خطأ قبل التوقيع الإلكتروني.

أما بعد الإرسال والإعتماد، فلا مجال للإلغاء، ويجب اتباع إجراءات التعديل النظامية.

أحد عشر: نصائح لتجنب الحاجة إلى تعديل الفواتير

مراجعة البيانات قبل الإصدار: تأكد من صحة أرقام السجل التجاري والرقم الضريبي.

التحقق من الأسعار والكميات قبل الاعتماد النهائي.

استخدام نظام فوترة متكامل يربط بين المبيعات والمخزون والضريبة.

تدريب الموظفين على استخدام نظام الفواتير الإلكتروني بشكل دقيق.

الاحتفاظ بسجل مراجعة داخلي لمتابعة أي تعديل أو إشعار يصدر لاحقًا.

مراقبة دورية للفواتير الصادرة للتأكد من الالتزام الكامل بمتطلبات الهيئة.

اثنا عشر: الأثر المحاسبي للتعديل على التقارير الضريبية

إصدار إشعار دائن أو مدين يؤثر على ضريبة القيمة المضافة في الفترة الضريبية ذاتها.
فمثلًا، إذا تم إصدار إشعار دائن لتقليل المبلغ، يجب خصم الضريبة الزائدة في الإقرار القادم.
أما في حالة الإشعار المدين، فتضاف الضريبة الإضافية إلى الضريبة المستحقة.

لذا، من المهم الاحتفاظ بكل الإشعارات ومتابعتها مع المحاسب أو المستشار الضريبي قبل تقديم الإقرار.

ثلاثة عشر: كيف تساعد الأنظمة الحديثة في إدارة التعديلات؟

أنظمة الفوترة الإلكترونية الحديثة أصبحت تدعم التعديلات بطريقة ذكية، حيث يمكن للمستخدم اختيار نوع التعديل مباشرة، والنظام يقوم بإرسال إشعار إلكتروني تلقائي مرتبط بالفاتورة الأصلية.
هذه الأنظمة أيضًا تحتفظ بسجل تدقيق Audit Trail لكل تعديل، مما يسهل تتبع أي تغيير تم بعد الإصدار، وبالتالي يحافظ على الشفافية أمام الهيئة.

أربعة عشر: هل يحتاج العميل إلى الموافقة على الإشعار؟

في بعض الحالات، خصوصًا في التعاملات بين الشركات (B2B)، يُفضل أن تتم موافقة العميل على إشعار التعديل لضمان الاتساق في السجلات المحاسبية بين الطرفين.
لكن النظام لا يشترط الموافقة اليدوية طالما تم إصدار الإشعار إلكترونيًا وإرساله للهيئة.

لا يمكن التراجع أو حذف الفاتورة الإلكترونية بعد إصدارها رسميًا، لأن كل فاتورة يتم توثيقها لدى هيئة الزكاة والضريبة والجمارك.
لكن النظام أتاح وسيلة نظامية آمنة لمعالجة الأخطاء وهي إصدار إشعارات دائن ومدين.
بهذه الطريقة، يضمن النظام حماية البيانات الضريبية ومنع أي تلاعب، مع توفير المرونة الكافية لتصحيح الأخطاء المشروعة.

الالتزام بالإجراءات الصحيحة لا يحمي المنشأة فقط من الغرامات، بل يعزز مصداقيتها أمام عملائها والجهات الرقابية، ويضمن إعداد تقارير ضريبية دقيقة ومتوافقة مع الأنظمة السعودية.

التعامل مع الفواتير الإلكترونية بعد الإصدار يتطلب وعيًا نظاميًا ودقة في الإجراءات.
فالنظام لا يمنع التعديل، لكنه يضع له إطارًا واضحًا يحافظ على الشفافية ويضمن دقة البيانات.
ولذلك فإن كل مؤسسة يجب أن تبني نظامًا إداريًا قويًا لإدارة فواتيرها، ومتابعة أي تعديل أو إشعار بشكل منظم ومتوافق مع المتطلبات التقنية والضريبية.

السابق
كيف أضمن حفظ نسخة آمنة من الفواتير الإلكترونية؟
التالي
كيف تُحسب الغرامات الضريبية في حالة التأخير؟