هل الفاتورة الإلكترونية إلزامية على الأعمال الفردية (المؤسسات الصغيرة)؟

هل الفاتورة الإلكترونية إلزامية على الأعمال الفردية (المؤسسات الصغيرة) في السعودية؟

منذ إعلان هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في المملكة العربية السعودية عن تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية (E-invoicing)، أصبح السؤال الأكثر تداولًا بين أصحاب المؤسسات الصغيرة والأعمال الفردية: هل الفاتورة الإلكترونية إلزامية على الجميع، أم أنها تقتصر فقط على الشركات الكبرى؟

هذا السؤال مشروع جدًا، خاصة أن كثيرًا من رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة يعملون بهوامش ربح محدودة، ويخشون من الأعباء الإضافية الناتجة عن تطبيق نظام جديد. في هذا المقال سنتناول الموضوع بشكل شامل، وسنوضح مدى إلزامية الفاتورة الإلكترونية للأعمال الفردية، ولماذا تعتبر خطوة مهمة حتى للمؤسسات الصغيرة، وما هي الفوائد التي يمكن أن تحققها من تطبيقها.

أولًا: ما هي الفاتورة الإلكترونية؟

الفاتورة الإلكترونية هي مستند يتم إنشاؤه وإصداره وحفظه بشكل رقمي عبر أنظمة إلكترونية معتمدة، ويحتوي على جميع بيانات الفاتورة التقليدية لكن بصيغة إلكترونية متوافقة مع متطلبات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك.

من أهم خصائصها:

أنها تُصدر عبر برنامج محاسبي أو نظام فوترة معتمد.

تشمل رمز الاستجابة السريعة (QR Code) في الفواتير المبسطة.

تُحفظ إلكترونيًا لمدة لا تقل عن 6 سنوات.

يمكن ربطها مباشرة مع أنظمة الهيئة في المرحلة الثانية.

ثانيًا: مراحل تطبيق الفاتورة الإلكترونية في السعودية

هيئة الزكاة قسمت تطبيق الفاتورة الإلكترونية إلى مرحلتين أساسيتين:

المرحلة الأولى (مرحلة الإصدار والحفظ)

بدأت في 4 ديسمبر 2021.

ألزمت جميع المكلفين الخاضعين لضريبة القيمة المضافة بإصدار وحفظ الفواتير إلكترونيًا بدلًا من الورقية.

تشمل كل الفئات: الشركات الكبيرة، المتوسطة، الصغيرة، وحتى المؤسسات الفردية إذا كانت مسجلة في ضريبة القيمة المضافة.

المرحلة الثانية (مرحلة التكامل والربط)

بدأت بشكل تدريجي من يناير 2023، وتستمر على دفعات.

تتطلب ربط الأنظمة المحاسبية للمكلفين بأنظمة هيئة الزكاة عبر واجهات برمجة التطبيقات (API).

يتم إشعار المكلفين المستهدفين قبل موعد التطبيق بمدة كافية (عادة 6 أشهر).

ثالثًا: هل الفاتورة الإلكترونية إلزامية على الأعمال الفردية (المؤسسات الصغيرة)؟

الجواب المباشر: نعم، الفاتورة الإلكترونية إلزامية على جميع المكلفين الخاضعين لضريبة القيمة المضافة، بما في ذلك المؤسسات الصغيرة والأعمال الفردية.

فالمعيار الأساسي هنا ليس حجم المنشأة أو عدد موظفيها، بل هل هي مسجلة في ضريبة القيمة المضافة أم لا. فإذا كانت المؤسسة الفردية أو المشروع الصغير قد تجاوزت إيراداته السنوية الحد المطلوب للتسجيل في ضريبة القيمة المضافة (375,000 ريال سعودي)، فإنها ملزمة بإصدار الفواتير الإلكترونية.

رابعًا: الأعمال الفردية غير الخاضعة للزكاة أو ضريبة القيمة المضافة

هناك بعض الأعمال الفردية الصغيرة جدًا أو المشاريع المنزلية التي لا تتجاوز إيراداتها السنوية حد التسجيل في الضريبة. هذه الفئة ليست ملزمة بالفاتورة الإلكترونية، لأنها أصلًا غير مطالبة بالتسجيل في نظام ضريبة القيمة المضافة.

لكن من المهم ملاحظة أن:

بعض المؤسسات الصغيرة قد تختار التسجيل الطوعي في ضريبة القيمة المضافة (إذا تجاوزت إيراداتها 187,500 ريال سنويًا)، وفي هذه الحالة تُصبح ملزمة بالفوترة الإلكترونية.

مستقبلًا قد تتوسع دائرة الإلزام لتشمل شرائح أوسع من الأنشطة التجارية، ضمن خطط التحول الرقمي والشفافية المالية.

خامسًا: لماذا تم إلزام المؤسسات الصغيرة بالفاتورة الإلكترونية؟

قد يتساءل البعض: لماذا تُلزم هيئة الزكاة حتى المؤسسات الصغيرة والأعمال الفردية بهذا النظام؟

السبب أن الهدف الأساسي من الفاتورة الإلكترونية هو:

مكافحة التستر التجاري عبر متابعة التعاملات المالية بدقة.

تعزيز الشفافية بين البائع والمشتري.

تسهيل التحصيل الضريبي وضمان دقة الإقرارات.

تقليل التلاعب أو إصدار فواتير وهمية.

تسريع العمليات التجارية وتحويل السوق السعودي إلى سوق رقمي متطور.

وبما أن التستر والتلاعب قد يحدث حتى في المؤسسات الصغيرة، كان من الضروري شمولها ضمن النظام.

سادسًا: فوائد الفاتورة الإلكترونية للمؤسسات الصغيرة

رغم أن الأمر قد يبدو عبئًا إضافيًا، إلا أن الفاتورة الإلكترونية تقدم مزايا مهمة حتى للمشاريع الصغيرة والأعمال الفردية:

تنظيم العمليات المالية
حيث توفر سجلًا دقيقًا للمعاملات مما يسهل إدارة الإيرادات والمصروفات.

تقليل الأخطاء البشرية
النظام الإلكتروني يقلل من احتمالية الأخطاء اليدوية في الحسابات.

حفظ السجلات بشكل آمن
لا حاجة لتخزين فواتير ورقية معرضة للتلف أو الضياع.

زيادة الثقة مع العملاء
الفواتير الإلكترونية أكثر مهنية وموثوقية.

تسهيل الحصول على التمويل
وجود سجلات إلكترونية دقيقة يساعد البنوك على تقييم الوضع المالي للمؤسسة بسهولة.

الامتثال القانوني
يجنّب المؤسسة أي غرامات أو عقوبات نتيجة مخالفة أنظمة الهيئة.

سابعًا: التحديات التي قد تواجه الأعمال الفردية

بالطبع، تطبيق الفاتورة الإلكترونية على المؤسسات الصغيرة قد يواجه بعض الصعوبات، مثل:

تكلفة الاشتراك في برنامج محاسبي معتمد، خاصة إذا كانت المؤسسة ذات دخل محدود.

قلة الخبرة التقنية لدى أصحاب الأعمال الفردية.

الحاجة للتدريب على استخدام الأنظمة الجديدة.

التأقلم مع المتطلبات المستحدثة مثل توليد QR Code أو الربط مع الهيئة.

لكن هذه التحديات يمكن تجاوزها عبر اختيار برامج فوترة مناسبة وميسرة التكلفة، بالإضافة إلى الدعم الفني الذي توفره العديد من الشركات.

ثامنًا: الغرامات عند عدم الالتزام بالفاتورة الإلكترونية

هيئة الزكاة وضعت مجموعة من العقوبات للمكلفين غير الملتزمين، ومنها:

غرامات مالية عند عدم إصدار فاتورة إلكترونية.

عقوبات عند إصدار فواتير ورقية بعد بدء النظام.

جزاءات في حالة التلاعب أو محاولة تعطيل النظام الإلكتروني.

لذلك، حتى المؤسسات الصغيرة ملزمة بالالتزام لتجنب هذه العقوبات.

تاسعًا: كيفية التسهيل على المؤسسات الصغيرة في تطبيق الفاتورة الإلكترونية

هناك عدة خطوات يمكن أن تساعد المؤسسات الفردية والصغيرة على تطبيق النظام بسهولة:

اختيار برنامج فوترة معتمد وبسيط
هناك العديد من الأنظمة الموجهة خصيصًا للمشاريع الصغيرة بأسعار معقولة.

التدريب على استخدام النظام
توفر الشركات المزودة للبرامج دورات تدريبية سريعة لأصحاب الأعمال.

الاستفادة من الحلول السحابية
التي لا تحتاج إلى أجهزة متطورة أو تكاليف عالية، وتسمح بالوصول للفواتير من أي مكان.

استشارة محاسب أو مختص
لتفادي أي أخطاء في البداية وضمان الامتثال الكامل.

عاشرًا: أسئلة شائعة

هل المؤسسات الفردية غير المسجلة في ضريبة القيمة المضافة ملزمة بالفاتورة الإلكترونية؟

لا، الالتزام يخص فقط المكلفين المسجلين في ضريبة القيمة المضافة.

ماذا عن المشاريع المنزلية الصغيرة جدًا؟

إذا لم تكن مسجلة في ضريبة القيمة المضافة، فهي غير ملزمة حاليًا.

هل يمكن للمؤسسات الصغيرة استخدام برامج محاسبة مجانية؟

فقط إذا كانت هذه البرامج معتمدة من هيئة الزكاة وتفي بالمتطلبات، لكن في الغالب يُفضل اختيار برامج معتمدة ومدفوعة لضمان الامتثال.

ماذا يحدث إذا لم تلتزم المؤسسة الصغيرة بالفاتورة الإلكترونية؟

ستتعرض للغرامات والعقوبات المقررة من الهيئة.

الفاتورة الإلكترونية في السعودية ليست خيارًا بل إلزامًا قانونيًا لكل المكلفين بضريبة القيمة المضافة، بغض النظر عن حجم النشاط أو كونه مؤسسة كبيرة أو عمل فردي صغير.

صحيح أن التحديات قد تبدو أكبر على المؤسسات الصغيرة، لكن الفوائد التي تحققها الفوترة الإلكترونية مثل التنظيم، الشفافية، وزيادة الثقة مع العملاء تجعلها خطوة ضرورية.

وبالتالي، إذا كنت صاحب مؤسسة فردية أو مشروع صغير مسجل في ضريبة القيمة المضافة، فالإجابة واضحة: نعم، الفاتورة الإلكترونية إلزامية عليك، ويجب البدء في تطبيقها فورًا لتجنب الغرامات والاستفادة من مزاياها.