- 1 هل الشركات الأجنبية في السعودية ملزمة بالفاتورة الإلكترونية؟
- 2 أولًا: لمحة عامة عن نظام الفاتورة الإلكترونية في السعودية
- 3 ثانيًا: من هم الملزمون بتطبيق الفاتورة الإلكترونية؟
- 4 ثالثًا: التزامات الشركات الأجنبية المقيمة داخل المملكة
- 5 خامسًا: الفروقات بين الشركات الأجنبية المقيمة وغير المقيمة
- 6 سادسًا: أهمية الفاتورة الإلكترونية للشركات الأجنبية
- 7 سابعًا: التحديات التي تواجه الشركات الأجنبية في التطبيق
- 8 ثامنًا: خطوات التهيئة لتطبيق النظام للشركات الأجنبية
- 9 تاسعًا: العقوبات المترتبة على عدم الالتزام
- 10 عاشرًا: مستقبل الشركات الأجنبية مع نظام الفاتورة الإلكترونية
هل الشركات الأجنبية في السعودية ملزمة بالفاتورة الإلكترونية؟
في ظل التحول الرقمي الكبير الذي تشهده المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة، أصبح نظام الفاتورة الإلكترونية أحد أهم الأدوات التي تُستخدم لتطوير البيئة الاقتصادية وتنظيم التعاملات التجارية. أطلقت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك هذا النظام ضمن جهودها لتعزيز الشفافية، ومكافحة التهرب الضريبي، وتسهيل الإجراءات المحاسبية للشركات.
لكن مع توسع الاستثمارات الأجنبية داخل المملكة، ووجود مئات الشركات الدولية التي تمارس أنشطتها في السوق السعودي، يبرز سؤال مهم بين رجال الأعمال والمحاسبين والمستثمرين: هل الشركات الأجنبية في السعودية ملزمة بتطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية؟
في هذا المقال، سنجيب على هذا السؤال بالتفصيل، موضحين القواعد النظامية التي تنظم الفوترة الإلكترونية في السعودية، مع بيان الفئات المشمولة، والشركات المستثناة، والمتطلبات التي يجب على الشركات الأجنبية الالتزام بها، إضافة إلى تحليل التحديات والفوائد التي تنتج عن تطبيق هذا النظام في بيئة العمل الأجنبية داخل المملكة.

أولًا: لمحة عامة عن نظام الفاتورة الإلكترونية في السعودية
نظام الفاتورة الإلكترونية هو آلية حديثة لإصدار الفواتير وحفظها بطريقة رقمية بدلًا من الأساليب الورقية التقليدية. أطلقته هيئة الزكاة والضريبة والجمارك رسميًا في 4 ديسمبر 2021، ضمن خطة التحول الرقمي التي تتماشى مع رؤية السعودية 2030.
ويهدف النظام إلى ضمان توثيق جميع العمليات التجارية والضريبية بشكل إلكتروني، مما يسهم في زيادة الشفافية وتقليل الأخطاء البشرية، إضافة إلى تسهيل عمليات المراجعة والتدقيق الضريبي.
يتكون تطبيق النظام من مرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى (مرحلة الإصدار والحفظ):
بدأت في ديسمبر 2021، وتهدف إلى إلزام المكلفين بإصدار فواتير إلكترونية بدلاً من الورقية، والاحتفاظ بها إلكترونيًا.
المرحلة الثانية (مرحلة التكامل والربط):
بدأت تدريجيًا اعتبارًا من عام 2023، وتلزم المكلفين بربط أنظمتهم الخاصة بالفوترة الإلكترونية مع أنظمة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك من خلال منصة “فاتورة – Fatoora”، بحيث يتم إرسال ومطابقة الفواتير لحظيًا.
هذا النظام لا يُعتبر مجرد تطور تقني، بل هو تحول جوهري في كيفية إدارة الأعمال والتعامل مع الجهات الضريبية في المملكة.
ثانيًا: من هم الملزمون بتطبيق الفاتورة الإلكترونية؟
بحسب لائحة الفوترة الإلكترونية التي أصدرتها هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، فإن الالتزام بإصدار الفواتير الإلكترونية يشمل:
جميع الأشخاص الخاضعين لضريبة القيمة المضافة في السعودية.
أي طرف يصدر فواتير ضريبية نيابة عن مكلف آخر.
وهذا يعني أن أي منشأة – سواء كانت سعودية أو أجنبية – طالما أنها مسجلة في نظام ضريبة القيمة المضافة وتمارس نشاطًا تجاريًا داخل المملكة، فهي ملزمة بتطبيق الفاتورة الإلكترونية.
بمعنى آخر، الالتزام ليس مرتبطًا بجنسية الشركة، وإنما بوضعها الضريبي داخل المملكة. فإذا كانت الشركة الأجنبية تمارس نشاطًا اقتصاديًا في السعودية وتصدر فواتير لعملاء محليين، فإنها خاضعة للنظام تمامًا مثل الشركات المحلية.
ثالثًا: التزامات الشركات الأجنبية المقيمة داخل المملكة
تُعد الشركات الأجنبية المقيمة في المملكة أو تلك التي تمتلك فروعًا أو كيانات قانونية مسجلة داخل السعودية من الفئات الملزمة بتطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية. وتشمل هذه الشركات العديد من القطاعات مثل النفط والطاقة، والخدمات اللوجستية، والبنوك، والاتصالات، والتقنية.
وتتمثل أهم الالتزامات النظامية على هذه الشركات في ما يلي:
استخدام نظام فوترة إلكتروني معتمد:
يجب أن يكون النظام المستخدم متوافقًا مع متطلبات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وأن يُصدر الفواتير بصيغة إلكترونية معيارية (XML أو PDF/A-3).
إصدار فواتير إلكترونية عن كل عملية خاضعة للضريبة:
سواء كانت الفاتورة موجهة لعملاء أفراد (فاتورة مبسطة) أو شركات (فاتورة ضريبية كاملة)، فيجب أن تُصدر إلكترونيًا.
الاحتفاظ بنسخ إلكترونية من الفواتير:
يجب على الشركات الاحتفاظ بجميع الفواتير الصادرة والواردة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، بطريقة تتيح استرجاعها بسهولة عند الطلب.
الربط الإلكتروني مع هيئة الزكاة:
في المرحلة الثانية من النظام، يجب أن تكون أنظمة الفوترة متصلة بمنصة “فاتورة”، بحيث يتم إرسال بيانات الفواتير لحظيًا للتحقق من صحتها.
توقيع الفواتير رقميًا:
يشترط أن تحتوي الفواتير على توقيع رقمي يضمن سلامة البيانات وعدم تعديلها بعد إصدارها.
رابعًا: الشركات الأجنبية غير المقيمة (غير المسجلة في السعودية)
تختلف المعاملة في حالة الشركات الأجنبية غير المقيمة في السعودية، أي تلك التي لا تمتلك كيانًا قانونيًا داخل المملكة، لكنها تقدم خدمات أو منتجات لجهات سعودية من الخارج.
هذه الشركات غير ملزمة بتطبيق الفاتورة الإلكترونية داخل السعودية لأنها ليست خاضعة لضريبة القيمة المضافة في المملكة. ولكن، في مثل هذه الحالات، يتم تطبيق ما يُعرف بـ آلية الضريبة العكسية (Reverse Charge Mechanism)، والتي تفرض على المستلم المحلي (الشركة السعودية) أن يُسجل العملية في نظامه الضريبي ويُصدر الفاتورة نيابة عن المورد الأجنبي.
على سبيل المثال:
إذا اشترت شركة سعودية خدمات تسويقية من شركة أجنبية في الخارج، فإن الشركة السعودية هي التي تتحمل مسؤولية تسجيل الضريبة ودفعها للهيئة.
خامسًا: الفروقات بين الشركات الأجنبية المقيمة وغير المقيمة
البند الشركات الأجنبية المقيمة الشركات الأجنبية غير المقيمة
الوضع القانوني لديها فرع أو كيان قانوني داخل المملكة لا تمتلك كيانًا داخل السعودية
التسجيل في ضريبة القيمة المضافة مسجلة في النظام السعودي غير مسجلة في النظام السعودي
الالتزام بالفاتورة الإلكترونية إلزامي بالكامل غير إلزامي
الجهة المسؤولة عن الفوترة الشركة نفسها العميل السعودي عبر آلية الضريبة العكسية
سادسًا: أهمية الفاتورة الإلكترونية للشركات الأجنبية
تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية لا يحقق فقط الامتثال للأنظمة السعودية، بل يمنح الشركات الأجنبية مزايا مهمة تساعدها في إدارة أعمالها بشكل أكثر كفاءة. من أبرز هذه المزايا:
الامتثال الضريبي السلس:
الربط المباشر مع هيئة الزكاة يضمن مطابقة الفواتير بشكل تلقائي، ويقلل من احتمالية الأخطاء في الإقرارات الضريبية.
الشفافية في التعاملات:
النظام الإلكتروني يمنع التلاعب في البيانات المالية، مما يعزز ثقة العملاء والجهات الحكومية بالشركة.
التكامل مع الأنظمة العالمية:
أغلب الشركات الأجنبية تستخدم أنظمة محاسبية دولية مثل SAP أو Oracle، ويمكن ربطها بسهولة مع نظام الفوترة السعودي.
تحسين إدارة التدفقات النقدية:
بفضل التوثيق الإلكتروني، تصبح عمليات الفوترة والتحصيل أسرع وأكثر دقة.
سهولة المراجعة والتدقيق:
توفر الفواتير الإلكترونية قاعدة بيانات منظمة يمكن الرجوع إليها بسهولة عند التدقيق الضريبي أو المحاسبي.
سابعًا: التحديات التي تواجه الشركات الأجنبية في التطبيق
رغم الفوائد العديدة، إلا أن بعض الشركات الأجنبية واجهت تحديات عند تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية في السعودية، منها:
اختلاف الأنظمة التقنية:
بعض الشركات تستخدم أنظمة محاسبية أجنبية لا تتوافق بشكل مباشر مع متطلبات الهيئة السعودية، مما يستلزم تطوير حلول تكامل مخصصة.
تعدد فروع الشركة:
في حالة وجود فروع متعددة في أكثر من مدينة، يجب توحيد النظام الإلكتروني لجميع الفروع لضمان الامتثال الكامل.
التدريب والتأهيل:
تحتاج الكوادر المحلية والأجنبية داخل الشركة إلى تدريب على آلية إصدار الفواتير الإلكترونية ومعايير هيئة الزكاة.
التكلفة الأولية للتحول الرقمي:
في بداية التطبيق، تتحمل الشركات تكاليف شراء البرامج وربط الأنظمة، لكنها استثمارات تُسترد على المدى الطويل.
ثامنًا: خطوات التهيئة لتطبيق النظام للشركات الأجنبية
لتجنب المخالفات والغرامات، يجب على الشركات الأجنبية في السعودية اتباع مجموعة من الخطوات للتحضير الكامل لتطبيق الفاتورة الإلكترونية، وتشمل:
تقييم الوضع الضريبي:
التأكد من تسجيل جميع الكيانات والفروع في نظام ضريبة القيمة المضافة.
اختيار نظام فوترة معتمد:
يجب أن يكون النظام قادرًا على إصدار الفواتير بالصيغة المطلوبة (XML أو PDF/A-3) مع رمز QR والتوقيع الرقمي.
إجراء اختبار تكاملي مع منصة الهيئة:
لضمان عمل النظام بسلاسة وتوافق البيانات مع متطلبات “فاتورة”.
تدريب الموظفين:
تأهيل فرق العمل على استخدام النظام الجديد والتعامل مع التحديثات الدورية.
الاحتفاظ بالفواتير بأمان:
يجب تخزين الفواتير بطريقة تضمن حمايتها من التعديل أو الحذف، مع إمكانية الرجوع إليها في أي وقت.
تاسعًا: العقوبات المترتبة على عدم الالتزام
حددت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك مجموعة من العقوبات للمكلفين الذين لا يلتزمون بنظام الفوترة الإلكترونية، وتشمل:
غرامة مالية لا تقل عن 1000 ريال في حال عدم إصدار فاتورة إلكترونية.
غرامة تصل إلى 5000 ريال في حال عدم الاحتفاظ بالفواتير إلكترونيًا.
مخالفة تعديل أو حذف الفواتير دون مبرر قانوني.
إيقاف الخدمات أو فرض إجراءات تصحيحية في حال التكرار أو التلاعب المتعمد.
ولهذا، فإن الشركات الأجنبية التي تتجاهل تطبيق النظام قد تواجه مخاطر مالية وتشغيلية تؤثر على أعمالها داخل المملكة.
عاشرًا: مستقبل الشركات الأجنبية مع نظام الفاتورة الإلكترونية
تتجه المملكة بخطى سريعة نحو بناء اقتصاد رقمي متكامل يعتمد على البيانات والتحول التكنولوجي في جميع القطاعات.
ولهذا، فإن الشركات الأجنبية التي تتبنى مبكرًا نظام الفاتورة الإلكترونية ستكون في موقع أفضل من حيث الامتثال والاستقرار في السوق السعودي.
كما أن هيئة الزكاة والضريبة تعمل باستمرار على تحديث الأنظمة وتقديم الدعم الفني والفني للشركات الأجنبية، سواء عبر بوابة “فاتورة” أو من خلال مزودي الخدمة المعتمدين.
وبالنظر إلى رؤية السعودية 2030، فإن المستقبل الاقتصادي سيكون أكثر ارتباطًا بالحلول الرقمية، مما يجعل الالتزام بالفاتورة الإلكترونية ليس مجرد التزام قانوني، بل ميزة تنافسية للشركات الأجنبية العاملة في المملكة.
بعد استعراض الجوانب النظامية والفنية كافة، يمكن القول إن الشركات الأجنبية المسجلة في السعودية والملزمة بضريبة القيمة المضافة مطالبة بتطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية بشكل كامل، وفق ما تحدده هيئة الزكاة والضريبة والجمارك.
أما الشركات الأجنبية غير المقيمة التي لا تمتلك كيانًا داخل المملكة، فهي غير ملزمة بالنظام، لكن يجب على العميل المحلي التعامل وفق آلية الضريبة العكسية.
تطبيق الفاتورة الإلكترونية لا يقتصر على الامتثال فحسب، بل يمثل خطوة استراتيجية نحو بناء بيئة أعمال أكثر شفافية وكفاءة. فالنظام يساعد الشركات الأجنبية على إدارة عملياتها بشكل أكثر دقة وتنظيمًا، ويعزز من ثقة الشركاء والجهات الحكومية في تعاملاتها.
وبالتالي، يمكن اعتبار الالتزام بهذا النظام ضرورة وليس خيارًا لكل شركة تسعى إلى النجاح والاستمرارية في السوق السعودي.