ما هي خطوات الربط مع منصة “فَاتورة” لإرسال الفاتورة؟

ما هي خطوات الربط مع منصة “فَاتورة” لإرسال الفاتورة؟

في إطار التحول الرقمي الذي تشهده المملكة العربية السعودية، برز نظام الفواتير الإلكترونية كأحد أهم مشروعات التطوير الحديثة التي تهدف إلى تعزيز الشفافية ومكافحة التهرب الضريبي وتحسين الكفاءة الإدارية للمنشآت.
هذا النظام الذي أطلقته هيئة الزكاة والضريبة والجمارك (ZATCA) يهدف إلى تمكين جميع المكلفين من إصدار فواتير إلكترونية موحدة ومترابطة مع المنصة الرسمية المعروفة باسم “فَاتورة” (FATOORA)، وهي المنصة التي تمثل محور النظام الإلكتروني للفوترة في المملكة.

في هذا المقال سنوضح خطوات الربط مع منصة “فَاتورة” لإرسال الفواتير الإلكترونية بالتفصيل، مع شرح المتطلبات الفنية والتنظيمية، وأهم المراحل التي تمر بها المنشأة منذ الإعداد الأولي حتى إرسال الفواتير المعتمدة رسميًا إلى الهيئة. كما سنتناول أبرز التحديات التي قد تواجه المكلفين أثناء عملية الربط، وكيفية تجنب الأخطاء الشائعة.

أولًا: ما هي منصة “فَاتورة”؟

منصة “فَاتورة” (FATOORA) هي نظام إلكتروني متكامل أطلقته هيئة الزكاة والضريبة والجمارك لإدارة عمليات إصدار وتوثيق الفواتير الإلكترونية لجميع المنشآت المسجلة في ضريبة القيمة المضافة داخل المملكة.
تُعد المنصة حلقة الوصل بين الأنظمة المحاسبية للمنشآت وبين الهيئة، بحيث يتم إرسال الفواتير إلكترونيًا بشكل مباشر بعد إصدارها من النظام المحاسبي الداخلي للمنشأة.

تعمل المنصة على:

استقبال الفواتير الإلكترونية من المكلفين.

التحقق من صحتها وتطابقها مع متطلبات الهيئة.

إرسال إشعار القبول أو الرفض للمكلف.

توثيق الفواتير المقبولة في قاعدة بيانات الهيئة.

ومن خلال هذا النظام، تضمن الهيئة أن جميع الفواتير المصدّرة متوافقة مع المتطلبات القانونية والفنية، مما يسهم في تعزيز الشفافية والحد من التلاعب الضريبي.

ثانيًا: أهمية الربط مع منصة “فَاتورة”

الربط مع منصة فَاتورة ليس خيارًا بل التزام إلزامي على جميع المكلفين الخاضعين لضريبة القيمة المضافة.
وذلك لأن النظام يعمل على تسجيل الفواتير لحظيًا، مما يمكّن الهيئة من مراقبة حركة المبيعات والشراء بدقة عالية.

تكمن أهمية الربط في النقاط التالية:

ضمان الامتثال الكامل لمتطلبات الهيئة.
حيث لا يتم الاعتراف بأي فاتورة ضريبية إلا بعد تسجيلها وتوثيقها إلكترونيًا من خلال المنصة.

تحسين الكفاءة التشغيلية.
لأن الربط يختصر الوقت ويقلل الجهد في إصدار الفواتير، بدلاً من العمليات الورقية التقليدية.

تعزيز الشفافية والمصداقية.
الفواتير الإلكترونية الموثقة تعكس مصداقية عالية أمام العملاء والجهات الحكومية.

الحد من الأخطاء والتلاعب.
بفضل التحقق التلقائي من البيانات، تقل احتمالية إدخال معلومات غير صحيحة أو غير دقيقة.

تسهيل عمليات التدقيق والمراجعة الضريبية.
فكل فاتورة تكون محفوظة إلكترونيًا ويمكن الوصول إليها بسهولة عند الطلب.

ثالثًا: المتطلبات الأساسية قبل الربط مع منصة “فَاتورة”

قبل البدء في عملية الربط، يجب على المنشأة التأكد من توافر مجموعة من المتطلبات التنظيمية والفنية.

1. التسجيل في ضريبة القيمة المضافة

لا يمكن لأي منشأة إصدار فواتير إلكترونية أو ربط نظامها بالهيئة دون أن تكون مسجلة رسميًا في ضريبة القيمة المضافة.
ويتم ذلك من خلال موقع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك والحصول على الرقم الضريبي (VAT Number).

2. امتلاك نظام فوترة إلكتروني متوافق

يجب أن يكون لدى المنشأة نظام محاسبي أو برنامج فوترة قادر على:

إصدار الفواتير بصيغة XML أو PDF/A-3.

تضمين رمز الاستجابة السريعة (QR Code) في الفاتورة.

استخدام التوقيع الرقمي (Digital Signature) لتوثيق الفواتير.

التواصل مع واجهة برمجة التطبيقات (API) الخاصة بمنصة الهيئة.

3. شهادة التوقيع الرقمي

كل منشأة يجب أن تمتلك شهادة رقمية صادرة من مزود خدمة معتمد من الهيئة.
تستخدم هذه الشهادة لتوقيع الفواتير إلكترونيًا والتأكد من موثوقية مصدرها.

4. إنشاء حساب في بوابة الهيئة

يتم ذلك عبر موقع الهيئة الرسمي (zatca.gov.sa)، حيث يمكن من خلال الحساب إدارة الفواتير ومتابعة حالة الربط والاطلاع على إشعارات الهيئة.

5. وجود فريق فني مؤهل

ينبغي أن يكون لدى المنشأة فريق تقني قادر على تنفيذ الربط والتعامل مع الأكواد البرمجية الخاصة بواجهة API، أو يمكن الاستعانة بمزود حلول فوترة معتمد من الهيئة.

رابعًا: مراحل الربط مع منصة “فَاتورة”

تنقسم عملية الربط إلى مجموعة من الخطوات والمراحل الأساسية التي يجب اتباعها بدقة.

الخطوة الأولى: تسجيل الدخول إلى بوابة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك

الدخول إلى الموقع الرسمي للهيئة.

تسجيل الدخول بحساب المنشأة (اسم المستخدم وكلمة المرور).

من الصفحة الرئيسية، اختيار “خدمة الفواتير الإلكترونية (FATOORA)”.

سيظهر للمستخدم قسم مخصص لإعدادات الربط والتكامل مع النظام الداخلي للمنشأة.

الخطوة الثانية: تحديد نوع التكامل

توفر الهيئة طريقتين رئيسيتين للربط:

الربط اليدوي عبر البوابة (Manual Upload):
تستخدمه المنشآت الصغيرة التي لا تمتلك نظام فوترة متكامل.
يتم من خلال رفع الفواتير يدويًا بصيغة XML أو PDF/A-3 على البوابة.

الربط الآلي عبر واجهة API (API Integration):
وهي الطريقة الأكثر استخدامًا من قبل الشركات والمتاجر الإلكترونية وأنظمة المحاسبة الكبرى.
تعتمد على التكامل المباشر بين نظام المنشأة ومنصة الهيئة بحيث يتم إرسال الفواتير تلقائيًا فور إصدارها.

الخطوة الثالثة: توليد مفاتيح الربط (API Keys)

بعد اختيار نوع التكامل، يتم توليد مفاتيح الربط عبر المنصة، وتشمل:

المفتاح العام (Public Key).

المفتاح الخاص (Private Key).

يُستخدم هذان المفتاحان لتوثيق الاتصال بين النظام الداخلي للمنشأة والمنصة، مما يضمن أمان نقل البيانات وسريتها.

الخطوة الرابعة: إعداد بيئة الاختبار (Sandbox Environment)

تتيح الهيئة للمكلفين تجربة عملية الربط في بيئة اختبارية تُعرف باسم Sandbox، وهي خطوة مهمة قبل التشغيل الفعلي.
تسمح هذه البيئة للمطورين بالتأكد من أن نظام الفوترة يعمل بشكل صحيح وأن الفواتير تتوافق مع معايير الهيئة.

أهم الأهداف من بيئة الاختبار:

فحص جودة الربط التقني.

التأكد من التوقيع الرقمي للفواتير.

اختبار الإرسال والاستقبال دون التأثير على البيانات الحقيقية.

الخطوة الخامسة: توليد الفواتير بصيغة معتمدة

بمجرد نجاح الاختبارات، يبدأ النظام في إصدار الفواتير بصيغ معتمدة مثل:

XML: وتُستخدم بشكل أساسي لتبادل البيانات إلكترونيًا.

PDF/A-3: وهي النسخة التي يمكن عرضها وطباعتها، وتتضمن بيانات XML المدمجة بداخلها.

يجب أن تحتوي كل فاتورة على:

الرقم الضريبي للمنشأة.

التوقيع الرقمي.

رمز QR الذي يضم معلومات الفاتورة الأساسية (المورد، المشتري، المجموع، الضريبة).

الخطوة السادسة: إرسال الفواتير إلكترونيًا إلى منصة “فَاتورة”

عند إصدار أي فاتورة جديدة، يقوم النظام تلقائيًا بإرسالها إلى منصة فَاتورة عبر واجهة API، وتشمل العملية:

توليد التوقيع الرقمي للفاتورة.

تحويلها إلى الصيغة المطلوبة.

إرسالها إلى المنصة.

استلام إشعار القبول أو الرفض من الهيئة.

في حال القبول، تُعتبر الفاتورة موثقة رسميًا ومعترفًا بها ضريبيًا.

الخطوة السابعة: حفظ وأرشفة الفواتير

بعد توثيق الفواتير، يجب على المنشأة الاحتفاظ بنسخة إلكترونية من كل فاتورة لمدة لا تقل عن ست سنوات، سواء في خوادم محلية أو أنظمة تخزين سحابي آمنة.
هذه الخطوة ضرورية لتلبية متطلبات المراجعة الضريبية المستقبلية.

خامسًا: الأخطاء الشائعة أثناء الربط وكيفية تجنبها

رغم أن عملية الربط واضحة، إلا أن بعض المنشآت تواجه صعوبات تقنية أو تنظيمية أثناء التنفيذ.
فيما يلي أبرز الأخطاء الشائعة:

عدم مطابقة الفاتورة لمتطلبات الهيئة.
مثل نسيان تضمين رمز QR أو الخطأ في الرقم الضريبي.

فشل الربط عبر API بسبب مفاتيح غير صحيحة.
يجب التأكد من استخدام المفاتيح التي تولدها المنصة وعدم مشاركتها مع أطراف أخرى.

إرسال فواتير بصيغ غير معتمدة.
الهيئة لا تقبل إلا ملفات XML أو PDF/A-3.

عدم اختبار النظام في بيئة Sandbox قبل التشغيل.
مما يؤدي إلى رفض الفواتير أو توقف الربط.

إهمال التوقيع الرقمي.
الفواتير غير الموقعة رقميًا تُعتبر غير معتمدة.

سادسًا: الفوائد العملية لعملية الربط

الربط مع منصة “فَاتورة” يمنح المنشآت مجموعة من الفوائد الملموسة، أبرزها:

تبسيط إدارة الفواتير وإصدارها تلقائيًا دون تدخل يدوي.

تسريع عمليات التدقيق الضريبي من خلال توفير بيانات فورية ودقيقة.

رفع مستوى الثقة مع الهيئة عبر الالتزام الكامل بالمتطلبات النظامية.

توفير الوقت والموارد التي كانت تُستهلك في الفواتير الورقية.

تحسين تجربة العملاء من خلال فواتير إلكترونية منظمة وموثقة.

سابعًا: الدعم الفني المقدم من هيئة الزكاة والضريبة والجمارك

لتسهيل عملية الربط على المكلفين، توفر الهيئة العديد من الأدوات والمصادر:

دليل فني شامل يشرح الخطوات البرمجية للربط باستخدام واجهة API.

دورات تدريبية وورش عمل افتراضية لمساعدة المنشآت على الامتثال.

نظام دعم فني عبر البريد الإلكتروني وخدمة العملاء للإجابة عن أي استفسارات.

بيئة اختبار مجانية تتيح للمكلفين تجربة النظام قبل التشغيل.

ثامنًا: أثر الربط على الامتثال الضريبي

الربط مع منصة فَاتورة له تأثير مباشر على رفع مستوى الامتثال الضريبي، حيث يساعد على:

الحد من التهرب الضريبي من خلال مراقبة حركة الفواتير بشكل فوري.

تحسين دقة البيانات الضريبية مما ينعكس على دقة الإقرارات الشهرية.

زيادة الثقة بين المكلفين والهيئة بفضل التوثيق الإلكتروني الدقيق.

تعزيز التحول الرقمي في إدارة الأعمال بالمملكة.

تاسعًا: التحديات التي قد تواجه المنشآت أثناء الربط

رغم مزايا النظام، إلا أن بعض المنشآت قد تواجه تحديات مثل:

ضعف البنية التقنية أو بطء الإنترنت.

قلة الخبرة التقنية في مجال البرمجة والتكامل.

الاعتماد على أنظمة قديمة غير متوافقة مع متطلبات الهيئة.

صعوبة في فهم المتطلبات القانونية والفنية معًا.

لكن يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال:

التعاقد مع مزودي حلول فوترة معتمدين.

حضور الدورات التدريبية التي تقدمها الهيئة.

اختبار النظام بشكل دوري للتأكد من جاهزيته.

عاشرًا: مستقبل منصة “فَاتورة”

من المتوقع أن تشهد منصة فَاتورة خلال السنوات المقبلة تحديثات تقنية متقدمة،oi

دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراجعة الفواتير وتحليل البيانات.

دعم المزيد من لغات البرمجة لتسهيل التكامل مع الأنظمة المختلفة.

توسيع خدمات الربط لتشمل عمليات المشتريات والمخزون.

تطوير أدوات تحليلية لمساعدة المنشآت في اتخاذ قرارات مالية مبنية على البيانات.

هذه التحديثات ستعزز مكانة المملكة في مجال التحول الرقمي وستجعلها نموذجًا عالميًا في تطبيق الفواتير الإلكترونية.

إن عملية الربط مع منصة “فَاتورة” لإرسال الفواتير الإلكترونية تُعد من أهم خطوات التحول الرقمي التي يجب على كل منشأة في السعودية تنفيذها لضمان الامتثال للأنظمة الضريبية.
الربط لا يهدف فقط إلى تسهيل إصدار الفواتير، بل يضمن الشفافية، الأمان، وسرعة التوثيق بين المكلفين وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك.

من خلال اتباع الخطوات الصحيحة – بدءًا من الإعداد التقني واختبار النظام، وصولًا إلى إرسال الفواتير وتوثيقها تستطيع المنشآت العمل بكفاءة أكبر، وتقليل المخاطر القانونية، وتحقيق التوافق الكامل مع متطلبات الهيئة.

النظام الجديد ليس مجرد واجب تنظيمي، بل هو فرصة للتحول الذكي نحو بيئة أعمال رقمية أكثر كفاءة وثقة، تُواكب تطلعات رؤية المملكة 2030 نحو اقتصاد متطور قائم على التقنية والابتكار.