أخبار تقنية

ما هي آلية الأرشفة الإلكترونية للفواتير وفق متطلبات الهيئة؟

ما هي آلية الأرشفة الإلكترونية للفواتير وفق متطلبات الهيئة؟

ما هي آلية الأرشفة الإلكترونية للفواتير وفق متطلبات الهيئة؟

تسعى المملكة العربية السعودية من خلال هيئة الزكاة والضرائب والجمارك إلى بناء بيئة رقمية متكاملة تُعزز من الشفافية وتُسهل عمليات الرقابة والامتثال الضريبي. وفي قلب هذا التحول يأتي نظام الفواتير الإلكترونية الذي أصبح إلزاميًا على جميع المنشآت الخاضعة لضريبة القيمة المضافة.

لكن تطبيق الفوترة الإلكترونية لا يتوقف عند مرحلة الإصدار فقط، بل يمتد إلى مرحلة مهمة لا تقل أهمية وهي مرحلة الأرشفة الإلكترونية للفواتير، والتي تمثل الركيزة الأساسية في الحفاظ على سلامة البيانات، وضمان إمكانية الرجوع إليها عند الطلب من الجهات الرقابية أو القضائية.

في هذا المقال، سنتناول بتفصيل شامل آلية الأرشفة الإلكترونية للفواتير وفق متطلبات هيئة الزكاة والضرائب والجمارك، مع توضيح الشروط الفنية والنظامية، وأفضل الممارسات التقنية لضمان الامتثال الكامل للنظام، وكيفية تجنب الأخطاء الشائعة التي قد تعرّض المنشآت للمخالفات والغرامات.

ما هي آلية الأرشفة الإلكترونية للفواتير وفق متطلبات الهيئة؟
ما هي آلية الأرشفة الإلكترونية للفواتير وفق متطلبات الهيئة؟

أولًا: مفهوم الأرشفة الإلكترونية للفواتير

الأرشفة الإلكترونية هي عملية تخزين وتنظيم الفواتير الإلكترونية في شكل رقمي داخل نظام إلكتروني آمن يتيح الوصول إليها واسترجاعها عند الحاجة بطريقة سريعة ومنظمة.
وتُعد هذه الأرشفة جزءًا أساسيًا من نظام الفوترة الإلكتروني المعتمد من الهيئة، فهي ليست مجرد عملية حفظ بيانات، بل إجراء قانوني وتقني يهدف إلى ضمان سلامة المستندات الضريبية وسهولة مراجعتها عند الطلب.

بمعنى آخر، الأرشفة الإلكترونية للفواتير ليست مجرد “نسخة احتياطية” تحفظها المنشأة، بل هي نظام متكامل يُظهر التزامها بالشفافية، ويؤكد امتثالها لمتطلبات الهيئة من حيث التحقق، الحماية، الموثوقية، وسهولة الوصول.

ثانيًا: أهمية الأرشفة الإلكترونية في النظام الضريبي السعودي

تأتي الأرشفة الإلكترونية كخطوة محورية في نظام الفوترة الإلكترونية للأسباب التالية:

ضمان الامتثال الكامل لمتطلبات هيئة الزكاة والضرائب.
الهيئة تشترط أن تكون جميع الفواتير الصادرة محفوظة إلكترونيًا لمدة لا تقل عن 6 سنوات، ما يجعل الأرشفة جزءًا إلزاميًا من النظام.

الحفاظ على سلامة المعلومات المالية.
الأرشفة تضمن بقاء بيانات الفواتير آمنة من الضياع أو التعديل أو التلف.

تسهيل المراجعة الضريبية.
في حال خضوع المنشأة لتدقيق من الهيئة، يمكن استرجاع الفواتير بسهولة من النظام الإلكتروني دون تأخير.

الحد من التلاعب والتزوير.
الأنظمة المؤمنة لحفظ البيانات تمنع التغيير غير المصرح به وتوثق أي تعديل أو حذف.

دعم الرقمنة والتحول الإلكتروني.
الأرشفة الإلكترونية تتماشى مع توجهات المملكة لتحقيق رؤية 2030 للتحول الرقمي الكامل في الأعمال الحكومية والخاصة.

تسهيل إدارة الأعمال داخليًا.
المنشآت التي تطبق أنظمة أرشفة فعالة تتمكن من الوصول إلى فواتيرها السابقة بسهولة، مما يحسن من دقة التقارير المالية والمحاسبية.

ثالثًا: المتطلبات القانونية للأرشفة الإلكترونية للفواتير وفق الهيئة

حددت هيئة الزكاة والضرائب مجموعة من المتطلبات النظامية التي يجب على كل منشأة الالتزام بها عند أرشفة فواتيرها إلكترونيًا. هذه المتطلبات تضمن أن عملية الحفظ تتم بطريقة نظامية وآمنة، وتشمل ما يلي:

مدة حفظ الفواتير:
يجب الاحتفاظ بجميع الفواتير الإلكترونية لمدة لا تقل عن ست سنوات من تاريخ الإصدار، سواء كانت فواتير مبيعات أو مشتريات.

مكان الحفظ:
تشترط الهيئة أن يتم حفظ الفواتير داخل المملكة العربية السعودية، أو في أنظمة سحابية داخلية تخضع لسيطرة قانونية سعودية.
وفي حال استخدام خوادم أو مزودين خارجيين، يجب أن تضمن المنشأة أن البيانات يمكن الوصول إليها داخل المملكة في أي وقت.

قابلية الوصول والاسترجاع:
يجب أن يكون النظام المستخدم في الأرشفة قادرًا على عرض واسترجاع الفواتير إلكترونيًا عند الطلب دون أي تأخير، سواء من قبل الهيئة أو من المستخدم الداخلي.

سلامة البيانات وعدم تعديلها:
يُمنع تعديل أو حذف أي فاتورة بعد أرشفتها، ويجب أن يتضمن النظام سجل تدقيق (Audit Trail) يوضح أي عمليات تمت على المستندات.

التوافق مع المتطلبات الفنية لنظام الفوترة:
يجب أن يكون النظام المستخدم متوافقًا مع مواصفات الهيئة الفنية مثل صيغ الملفات (XML أو PDF/A-3) وتضمين التوقيع الرقمي.

الحماية والأمن السيبراني:
تفرض الهيئة أنظمة حماية قوية تضمن سرية البيانات، وتشمل التشفير، النسخ الاحتياطي، وإجراءات الحماية من الوصول غير المصرح به.

اللغة المستخدمة:
الفواتير المحفوظة يجب أن تكون باللغة العربية، ويمكن إضافة ترجمة بلغات أخرى دون أن تكون بديلًا عن النسخة العربية الأصلية.

رابعًا: الصيغ المعتمدة لحفظ الفواتير الإلكترونية

هيئة الزكاة والضرائب حددت صيغتين أساسيتين لتخزين الفواتير الإلكترونية ضمن أنظمة الأرشفة، وهما:

صيغة XML (الأساسية):
وهي الصيغة التقنية التي تحتوي على البيانات المنظمة (Structured Data) مثل رقم الفاتورة، الضريبة، التواريخ، والمعلومات الخاصة بالمورد والمشتري.
هذه الصيغة تُستخدم في الربط المباشر مع الهيئة وتُمكّن من التحقق التلقائي من صحة البيانات.

صيغة PDF/A-3 (التمثيل البصري):
تُعد هذه الصيغة الشكل البصري للفاتورة الذي يُمكن عرضه وطباعته بسهولة، وغالبًا ما تحتوي على نسخة مدمجة من ملف XML داخلها.
هذه النسخة هي التي تُستخدم في التعامل مع العملاء والجهات الداخلية.

يجب أن يحتوي النظام على النسختين لضمان الامتثال الكامل لمتطلبات الهيئة.

خامسًا: مكونات نظام الأرشفة الإلكترونية المثالي

لكي تكون المنشأة ملتزمة تمامًا بمتطلبات الهيئة، يجب أن تعتمد نظام أرشفة إلكترونية متكامل يحتوي على الخصائص التالية:

واجهة سهلة الاستخدام تسمح بالبحث الذكي باستخدام رقم الفاتورة أو التاريخ أو اسم العميل.

إمكانية التكامل مع نظام الفوترة الإلكتروني المعتمد من الهيئة (Integration with e-Invoicing API).

خاصية التوقيع الإلكتروني لحماية الفواتير من التعديل.

سجل تدقيق (Audit Trail) يسجل كل عملية دخول أو تعديل أو عرض للفاتورة.

نظام أذونات المستخدمين لتحديد من يمكنه الوصول إلى البيانات أو تعديلها.

تشفير شامل للبيانات أثناء الحفظ والنقل لضمان الأمان السيبراني.

إمكانية النسخ الاحتياطي التلقائي للفواتير في مواقع تخزين مختلفة.

إشعارات دورية في حال انتهاء مدة الحفظ أو الحاجة إلى المراجعة.

دعم تقارير تحليلية تساعد الإدارة في مراجعة الإيرادات والالتزامات الضريبية.

توافق كامل مع المعايير التقنية للهيئة مثل ZATCA Phase 2 Integration Requirements.

سادسًا: الخطوات العملية لأرشفة الفواتير الإلكترونية في المنشآت

تطبيق الأرشفة الإلكترونية يتطلب خطوات متسلسلة وواضحة تضمن نجاح العملية والامتثال التام، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

اختيار نظام فوترة معتمد من هيئة الزكاة والضرائب يحتوي على خاصية الأرشفة.

تفعيل الربط التقني بين نظام الفوترة ونظام الأرشفة بحيث تُخزن الفواتير تلقائيًا بعد إصدارها.

تحديد صلاحيات المستخدمين لضمان عدم الوصول غير المصرح به للفواتير.

تطبيق إجراءات الأمان مثل كلمات المرور القوية، والتشفير، والمصادقة الثنائية.

إجراء نسخ احتياطي دوري للبيانات المحفوظة في أماكن آمنة.

التأكد من قابلية البحث والاسترجاع السريع من خلال إعداد فهرسة دقيقة للفواتير.

إجراء اختبارات دورية للنظام للتأكد من سلامة البيانات وإمكانية الوصول إليها.

تدريب الموظفين على استخدام النظام وفهم متطلبات الهيئة في الأرشفة.

إعداد خطة للطوارئ في حال حدوث خلل تقني أو فقدان للبيانات.

توثيق الإجراءات لحماية المنشأة قانونيًا وإثبات امتثالها في حال المراجعة.

سابعًا: الأرشفة السحابية للفواتير الإلكترونية

في ضوء التطور التقني، تعتمد العديد من الشركات في السعودية الأرشفة السحابية (Cloud Archiving) كوسيلة لحفظ الفواتير الإلكترونية.
وهذا النظام يعتمد على تخزين البيانات في خوادم بعيدة يتم الوصول إليها عبر الإنترنت، مما يمنح المنشآت مرونة أكبر في الإدارة والوصول.

ومع ذلك، تفرض هيئة الزكاة والضرائب بعض الشروط الخاصة بالأرشفة السحابية، منها:

أن تكون البيانات قابلة للوصول من داخل المملكة في أي وقت.

أن يكون مزود الخدمة السحابية معتمدًا وملتزمًا بمعايير الأمان السيبراني المحلية.

أن تُحفظ الفواتير في شكلها الأصلي دون تعديل.

أن يلتزم النظام بفترة الحفظ القانونية (6 سنوات).

أن يضمن النظام إمكانية تصدير الفواتير في حال طلبها من الهيئة.

تُعد الأرشفة السحابية خيارًا مثاليًا للشركات الكبيرة والمتوسطة لأنها توفر مساحات تخزين مرنة وتكلفة تشغيلية أقل مقارنة بالأرشفة المحلية.

ثامنًا: المخاطر المحتملة في الأرشفة غير النظامية

عدم الالتزام بمتطلبات الهيئة في الأرشفة الإلكترونية قد يؤدي إلى مخالفات وغرامات مالية، بالإضافة إلى المخاطر التالية:

فقدان الفواتير أو تلف البيانات مما يصعّب إثبات المعاملات الضريبية.

رفض الهيئة للاعتراف بالفواتير في حال عدم مطابقتها للمعايير الفنية.

تعرض النظام للاختراق أو السرقة الإلكترونية في حال ضعف الحماية الأمنية.

صعوبة المراجعة أو التدقيق الداخلي مما يؤثر على التقارير المالية.

مخاطر قانونية أمام القضاء في حال عدم توفر فواتير أصلية كأدلة إثبات.

لذلك من الضروري اعتماد أنظمة أرشفة موثوقة والالتزام الدقيق بالمعايير المحددة.

تاسعًا: الفرق بين الأرشفة الإلكترونية والحفظ التقليدي

من المهم التمييز بين الأرشفة الإلكترونية والحفظ الورقي أو اليدوي.
فالأرشفة الإلكترونية لا تعني فقط تحويل الفواتير الورقية إلى ملفات رقمية، بل تعني نظامًا متكاملًا لإدارة المستندات الرقمية.

في المقابل، الحفظ التقليدي يعتمد على ملفات ورقية أو أقراص خارجية، وهي طرق معرضة للتلف أو الضياع ولا تحقق متطلبات الهيئة.
بينما الأرشفة الإلكترونية تتيح:

البحث السريع عن الفواتير.

حماية البيانات بتقنيات التشفير.

توثيق كل تعديل أو عملية وصول.

امتثالًا قانونيًا معتمدًا لدى الهيئة.

عاشرًا: دور هيئة الزكاة والضرائب في مراقبة الأرشفة الإلكترونية

تقوم هيئة الزكاة والضرائب والجمارك بعمليات تدقيق إلكتروني مستمرة للتأكد من التزام المنشآت بأرشفة فواتيرها بشكل صحيح.
وتملك الهيئة صلاحية طلب الاطلاع على الفواتير المحفوظة في أي وقت، سواء أثناء فحص ميداني أو تدقيق مكتبي.

وفي حال ثبوت أن المنشأة لم تلتزم بمتطلبات الأرشفة، قد تُفرض عليها غرامات مالية أو عقوبات تنظيمية.
كما أن الهيئة تُصدر بين فترة وأخرى تحديثات للمتطلبات الفنية للأرشفة، وعلى المنشآت مواكبتها بشكل مستمر.

حادي عشر: أفضل الممارسات لأرشفة الفواتير الإلكترونية

لتجنب المشكلات القانونية وضمان الامتثال الكامل، يُنصح باتباع الممارسات التالية:

استخدام نظام أرشفة معتمد ومتوافق مع متطلبات ZATCA.

إعداد نسخ احتياطية منتظمة للفواتير على خوادم منفصلة.

الحفاظ على هيكل واضح لتسمية الملفات والفهرسة.

اختبار عملية استرجاع الفواتير دوريًا للتأكد من فعاليتها.

التأكد من أن الملفات محفوظة بصيغتها الأصلية (XML وPDF/A-3).

مراقبة عمليات الدخول عبر سجل التدقيق.

مراجعة السياسات الأمنية والامتثال مرة كل 6 أشهر.

تدريب الموظفين على كيفية التعامل مع طلبات الهيئة.

ثاني عشر: التكامل بين الأرشفة الإلكترونية ونظام الفوترة

من الممارسات المتقدمة التي تتبعها الشركات الرائدة في السعودية هي دمج نظام الأرشفة الإلكترونية مباشرة مع نظام الفوترة الإلكترونية.
هذا التكامل يعني أن كل فاتورة يتم إصدارها تُحفظ تلقائيًا في الأرشيف دون تدخل يدوي، مما يضمن السرعة والدقة ويقلل من الأخطاء البشرية.

كما أن هذا التكامل يتيح توليد تقارير فورية للهيئة حول الفواتير الصادرة والمحفوظة، مما يسهل عمليات المراجعة والتدقيق.

ثالث عشر: مستقبل الأرشفة الإلكترونية في المملكة

مع استمرار التحول الرقمي في المملكة، من المتوقع أن تصبح الأرشفة الإلكترونية جزءًا أساسيًا من كل عملية تجارية وإدارية.
فالحكومة السعودية تعمل على ربط جميع الأنظمة المالية والتجارية إلكترونيًا، ما سيجعل الأرشفة عنصرًا محوريًا في تحقيق الشفافية المالية ومكافحة التهرب الضريبي.

وفي المستقبل القريب، قد تعتمد الهيئة تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لمراجعة الفواتير المؤرشفة والتأكد من سلامتها بشكل آلي.

الأرشفة الإلكترونية للفواتير ليست مجرد إجراء تقني، بل هي التزام قانوني وتنظيمي يضمن سلامة الأعمال واستمراريتها، ويُظهر مدى التزام المنشآت بالأنظمة السعودية.
وهي ركيزة رئيسية في نظام الفوترة الإلكتروني الذي أطلقته هيئة الزكاة والضرائب لتحقيق التكامل بين التحصيل الضريبي والتحول الرقمي.

ومن خلال الالتزام بمتطلبات الهيئة المتعلقة بالأرشفة من حيث المدة، الشكل، الحماية، وسهولة الوصول، تستطيع المنشآت حماية نفسها من المخاطر القانونية، وتحقيق كفاءة أعلى في إدارة بياناتها المالية.

الأرشفة الإلكترونية ليست خيارًا، بل ضرورة استراتيجية لكل منشأة تسعى إلى الامتثال، الشفافية، والاستدامة في بيئة الأعمال الحديثة بالمملكة.

السابق
هل تُقبل الفواتير الإلكترونية كدليل قانوني في المحاكم السعودية؟