أخبار تقنية

كيف يتم التعامل مع الفواتير الإلكترونية للمشتريات الخارجية؟

كيف يتم التعامل مع الفواتير الإلكترونية للمشتريات الخارجية؟

كيف يتم التعامل مع الفواتير الإلكترونية للمشتريات الخارجية؟

مع توسع النشاط التجاري للمؤسسات والشركات في المملكة العربية السعودية، لم تعد عمليات الشراء محصورة داخل حدود المملكة، بل أصبحت المشتريات الخارجية — سواء من شركات دولية أو موردين أجانب — جزءًا أساسيًا من سلاسل التوريد الحديثة. ومع تطبيق نظام الفوترة الإلكترونية الإلزامي من قبل الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك (ZATCA)، أصبح من المهم جدًا فهم كيفية التعامل مع الفواتير الإلكترونية للمشتريات الخارجية، وكيف تُعالج ضريبيًا ومحاسبيًا ضمن نظام ضريبة القيمة المضافة السعودي.

في هذا المقال الشامل، سنتناول كافة التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع، بدءًا من مفهوم المشتريات الخارجية، مرورًا بكيفية تسجيلها في النظام الضريبي، وصولًا إلى خطوات التعامل مع الفواتير الإلكترونية الصادرة من خارج المملكة، مع توضيح الضوابط التي تفرضها الهيئة لضمان الامتثال الكامل.

كيف يتم التعامل مع الفواتير الإلكترونية للمشتريات الخارجية؟
كيف يتم التعامل مع الفواتير الإلكترونية للمشتريات الخارجية؟

أولًا: ما المقصود بالمشتريات الخارجية؟

المشتريات الخارجية هي السلع أو الخدمات التي تشتريها منشأة سعودية من مورد خارج المملكة، سواء كان المورد شركة أجنبية أو فردًا يقدم خدمات عبر الإنترنت أو فيزيائيًا. وتشمل هذه المشتريات:

شراء بضائع من موردين دوليين (استيراد).

الاستفادة من خدمات رقمية من جهات خارجية (مثل منصات البرمجيات أو الإعلانات الإلكترونية).

التعاقد مع موردين دوليين لتقديم خدمات استشارية أو تقنية.

هذه العمليات تخضع لنظام ضريبة القيمة المضافة السعودي وفق ضوابط محددة تختلف بحسب نوع العملية، وبلد المورد، وطبيعة السلع أو الخدمات المشتراة.

ثانيًا: الفاتورة الإلكترونية في المشتريات الخارجية

الفاتورة الإلكترونية، كما تُعرف في السعودية، هي مستند رقمي يتم إنشاؤه وإرساله وحفظه إلكترونيًا وفق متطلبات الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك.
لكن عند الحديث عن المشتريات الخارجية، لا يمكن دائمًا تطبيق نفس المعايير، لأن المورد الأجنبي قد لا يكون خاضعًا للنظام السعودي أو غير مسجل في ضريبة القيمة المضافة داخل المملكة.

لذلك، يتم التعامل مع هذه الفواتير بطريقة مختلفة عن الفواتير المحلية، سواء من حيث الشكل أو الإرسال أو الاعتراف الضريبي بها.

ثالثًا: هل تصدر الفواتير الخارجية بصيغة إلكترونية معتمدة؟

عند شراء سلع أو خدمات من خارج المملكة، الفواتير التي يتلقاها المشتري السعودي قد لا تكون إلكترونية وفق تعريف الهيئة السعودية، لأنها تصدر من نظام فوترة مختلف.
لكن هذا لا يعني أن الفاتورة غير مقبولة ضريبيًا، بل يجب على المنشأة السعودية:

الاحتفاظ بالنسخة الرقمية أو الورقية للفاتورة الأجنبية.

تسجيلها داخل نظامها الإلكتروني المحلي كفاتورة مشتريات خارجية.

تضمينها ضمن الإقرارات الضريبية المحلية، إذا كانت خاضعة لضريبة القيمة المضافة.

رابعًا: الفرق بين المشتريات المحلية والخارجية من منظور الفاتورة الإلكترونية

العنصر                                        المشتريات المحلية                                      المشتريات الخارجية
مصدر الفاتورة                                 مورد داخل المملكة                                        مورد خارج المملكة
صيغة الفاتورة                               إلكترونية معتمدة من الهيئة                          فاتورة عادية من نظام خارجي
إرسال الفاتورة إلى الهيئة                إلزامي من المورد                                                   لا ينطبق
الضريبة المضافة                           يتم احتسابها في الفاتورة مباشرة              تطبق ضريبة عكسية في بعض الحالات
توثيق الفاتورة                               عبر نظام الفوترة السعودي                عبر إدخال يدوي أو إلكتروني في النظام المحلي

خامسًا: كيف تُعامل المشتريات الخارجية في نظام ضريبة القيمة المضافة؟

بحسب لوائح الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك، يتم التعامل مع المشتريات الخارجية وفق نوعها إلى قسمين رئيسيين:

1. المشتريات الخارجية من سلع (الاستيراد):

عند استيراد البضائع من الخارج، يتم احتساب ضريبة القيمة المضافة عند دخول البضاعة إلى المملكة.

تقوم الهيئة العامة للجمارك بتحصيل الضريبة نيابةً عن الهيئة الضريبية، ويتم تسجيلها تلقائيًا في حساب المكلف على منصة “الزكاة والضريبة والجمارك”.

لا تصدر فاتورة إلكترونية من المورد الأجنبي تخضع لمتطلبات الهيئة، ولكن على المنشأة السعودية إدخال بيانات الفاتورة الأجنبية يدويًا ضمن أنظمتها.

2. المشتريات الخارجية من خدمات:

إذا اشترت منشأة سعودية خدمة من خارج المملكة (مثل اشتراك في برنامج سحابي أو إعلان رقمي)، فهي مسؤولة عن احتساب ضريبة القيمة المضافة بنفسها بنسبة 15% تحت ما يسمى “الضريبة العكسية” (Reverse Charge Mechanism).

في هذه الحالة، تقوم المنشأة بإصدار فاتورة ذاتية (Self-billing) إلكترونيًا تثبت الخدمة المستوردة، وتُدرج قيمتها في الإقرار الضريبي.

سادسًا: ما هي “الضريبة العكسية” في الفواتير الخارجية؟

الضريبة العكسية هي آلية تُستخدم لضمان تحصيل ضريبة القيمة المضافة على الخدمات المستوردة من خارج المملكة.
فبدلاً من أن يقوم المورد الأجنبي بفرض الضريبة، تقوم المنشأة السعودية بدفعها نيابةً عن نفسها، كأنها المورد والمستهلك في الوقت نفسه.

مثال توضيحي:

شركة سعودية اشترت خدمات إعلانية من شركة أمريكية بقيمة 10,000 ريال.

المورد الأمريكي لا يفرض ضريبة سعودية.

المنشأة السعودية تحسب 15% ضريبة عكسية = 1,500 ريال.

تُدرج في الإقرار الضريبي كضريبة مستحقة ومخصومة في الوقت نفسه.

سابعًا: كيفية إدخال الفواتير الخارجية في النظام الإلكتروني السعودي

رغم أن المورد الأجنبي لا يرسل الفاتورة عبر منصة الهيئة، إلا أن المنشأة السعودية يجب أن:

تُنشئ فاتورة مشتريات إلكترونية داخل نظامها بنفس بيانات الفاتورة الأجنبية.

تُرفق صورة الفاتورة الأصلية كمستند داعم.

تُصنفها في النظام ضمن “مشتريات خارجية” أو “استيراد خدمات”.

تُربطها بالإقرار الضريبي الدوري.

بهذا الشكل، يتم الاحتفاظ بسجل رقمي متكامل للفواتير الخارجية، مما يسهل عملية المراجعة الضريبية لاحقًا.

ثامنًا: المتطلبات الإلزامية لتوثيق الفواتير الأجنبية

الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك تشترط عند إدخال فواتير المشتريات الخارجية أن تتضمن البيانات التالية:

اسم المورد الأجنبي وعنوانه.

رقم الفاتورة وتاريخها.

وصف السلع أو الخدمات المشتراة.

قيمة الفاتورة بالعملة الأجنبية والريال السعودي بعد التحويل.

بيان طريقة السداد (تحويل بنكي، بطاقة، إلخ).

رقم البيان الجمركي إن كانت الفاتورة تخص استيراد سلع.

نسخة إلكترونية من الفاتورة الأصلية.

كل هذه المعلومات تُستخدم لتأكيد صحة العملية واحتساب الضريبة بشكل سليم.

تاسعًا: ما دور منصة “فاتورة” في التعامل مع المشتريات الخارجية؟

منصة “فاتورة” التابعة للهيئة لا تتلقى الفواتير من الموردين الأجانب مباشرة، لكنها تتيح للشركات المحلية:

إدخال بيانات الفواتير الأجنبية يدويًا ضمن النظام.

حفظها إلكترونيًا ضمن ملفات الأرشفة.

إصدار فواتير ذاتية للخدمات المستوردة.

إرسال إشعارات دائن ومدين في حال وجود تعديلات أو إلغاءات.

وبذلك، تظل جميع العمليات خاضعة للرقابة الإلكترونية حتى لو كانت المشتريات من خارج المملكة.

عاشرًا: التحديات التي تواجه المنشآت في التعامل مع الفواتير الخارجية

رغم وضوح الإطار التنظيمي، تواجه بعض الشركات صعوبات عملية، منها:

اختلاف العملات وأسعار الصرف.

تنوع الأنظمة المحاسبية في الدول الأخرى.

عدم إدراج المورد الأجنبي لبيانات كافية في الفاتورة.

غياب رقم ضريبي معتمد.

تأخير استلام المستندات أو فقدانها.

ولذلك، توصي الهيئة الشركات السعودية بإنشاء نظام داخلي دقيق لتوثيق وتحويل البيانات وضمان الامتثال.

الحادي عشر: كيف تُسجل المشتريات الخارجية في الإقرار الضريبي؟

تُسجل المشتريات الخارجية ضمن الإقرار الضريبي للمكلف على النحو التالي:

المشتريات من سلع: تُضاف ضمن خانة “الاستيراد الخاضع للضريبة” وتُحسب الضريبة تلقائيًا من البيانات الجمركية.

المشتريات من خدمات: تُضاف ضمن “الخدمات المستوردة – الضريبة العكسية”.

تُحتسب الضريبة المستحقة وتُخصم في نفس الإقرار إن كانت المنشأة مؤهلة لاستردادها.

بهذا الشكل، يضمن النظام عدم فقدان أي ضريبة مستحقة على المعاملات عبر الحدود.

الثاني عشر: كيفية التعامل مع الفواتير المعدلة أو المرتجعات الخارجية

في بعض الحالات، قد يُصدر المورد الأجنبي إشعار دائن أو فاتورة معدلة بعد عملية الشراء (مثل خصم أو إرجاع جزء من السلع).
وفي هذه الحالة، على المنشأة السعودية أن تقوم بـ:

إصدار إشعار دائن إلكتروني داخلي يوازي قيمة الإلغاء أو الخصم.

تحديث بيانات الإقرار الضريبي في الفترة نفسها إذا كانت الضريبة لم تُحتسب بعد.

تخزين المستندات المؤيدة (بريد المورد أو إشعاراته).

الثالث عشر: المعالجة المحاسبية للفواتير الخارجية

من الناحية المحاسبية، يجب أن تُسجل الفواتير الأجنبية وفق المعايير التالية:

تحويل القيمة إلى الريال السعودي باستخدام سعر الصرف في تاريخ الفاتورة.

إدخالها في حساب المشتريات أو المصروفات.

تسجيل ضريبة القيمة المضافة ضمن بند مستقل.

في حال تطبيق الضريبة العكسية، تُسجل مرتين: كمصروف مستحق وضريبة مدخلة قابلة للخصم.

الرابع عشر: أمثلة عملية على فواتير المشتريات الخارجية

مثال 1: استيراد سلع من الصين

فاتورة المورد: 100,000 ريال (دولار أمريكي مكافئ).

تُحتسب الضريبة في الجمارك = 15,000 ريال.

تُسجل في النظام تحت بند “استيراد سلع”.

لا حاجة لإصدار فاتورة إلكترونية من المورد الأجنبي.

مثال 2: شراء اشتراك من شركة برمجيات أمريكية

قيمة الاشتراك: 5,000 ريال.

تُصدر الشركة السعودية فاتورة ذاتية بقيمة الضريبة العكسية (750 ريال).

تُضاف في الإقرار الضريبي كضريبة مستحقة ومدخلة في نفس الوقت.

الخامس عشر: ما الذي يجب على المحاسب التأكد منه؟

لضمان صحة التعامل مع الفواتير الخارجية، يجب على المحاسب السعودي أن:

يتحقق من نوع العملية (سلع أو خدمات).

يحدد جهة استحقاق الضريبة (الهيئة أو الجمارك).

يحتفظ بنسخ إلكترونية لجميع الفواتير والمراسلات.

يوثق أي تحويل عملة أو خصم أو تعديل.

يتأكد من تسجيل العملية في الفترة الضريبية الصحيحة.

السادس عشر: الرقابة الضريبية على المشتريات الخارجية

تقوم الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك بمراجعة دورية لبيانات المنشآت للتأكد من:

إدراج جميع المشتريات الخارجية في الإقرار الضريبي.

توافق البيانات مع التحويلات البنكية.

وجود مستندات داعمة لكل معاملة.

تطبيق الضريبة العكسية بشكل صحيح.

وفي حال وجود تلاعب أو إغفال لأي فاتورة خارجية، قد تتعرض المنشأة لغرامات مالية تصل إلى 50% من قيمة الضريبة غير المسددة.

السابع عشر: الأرشفة الإلكترونية للفواتير الخارجية

يجب على المكلف الاحتفاظ بجميع الفواتير والمستندات الأجنبية لمدة لا تقل عن ست سنوات، ويمكن حفظها إلكترونيًا ضمن النظام الداخلي.
ويُشترط أن تكون الفواتير قابلة للعرض والقراءة في أي وقت عند طلب الهيئة، بصرف النظر عن اللغة أو العملة.
وفي حال كانت الفاتورة بلغة أجنبية، يفضل الاحتفاظ بترجمة عربية معتمدة لتسهيل المراجعة.

الثامن عشر: نصائح عملية لضمان الامتثال الكامل

استخدام نظام فوترة إلكتروني يسمح بتصنيف الفواتير الخارجية.

تدريب الفريق المالي على آلية الضريبة العكسية.

التأكد من توافق النظام مع متطلبات الهيئة.

مطابقة الفواتير مع كشوف الجمارك والتحويلات البنكية.

مراجعة الإقرارات الضريبية قبل الإرسال.

التواصل مع الهيئة في حال وجود لبس أو اختلاف في البيانات.

التاسع عشر: مستقبل التعامل مع الفواتير الدولية في السعودية

تتجه المملكة نحو تكامل أنظمة الفوترة الإلكترونية مع الأنظمة الدولية، ضمن جهودها في التحول الرقمي الشامل.
ومع تطور أنظمة “زاتكا” والتوسع في تبادل البيانات عبر الحدود، قد يتم في المستقبل القريب تطبيق آليات الربط المباشر مع الموردين الدوليين في الدول التي تعتمد أنظمة فوترة إلكترونية متقدمة.
هذا التطور سيُسهل عمليات المراجعة ويزيد من الشفافية والامتثال الضريبي.

التعامل مع الفواتير الإلكترونية للمشتريات الخارجية يتطلب دقة تنظيمية ووعيًا ضريبيًا عاليًا، لأن العمليات عبر الحدود تختلف في معالجتها عن الفواتير المحلية.
فالمنشآت السعودية مسؤولة عن توثيق الفواتير الأجنبية، واحتساب الضريبة العكسية عند الحاجة، وتضمين جميع العمليات في الإقرارات الدورية بدقة.

الالتزام بهذه المتطلبات لا يحمي المنشأة من الغرامات فحسب، بل يعزز شفافيتها المالية، ويساعدها على بناء سجل ضريبي قوي يتوافق مع متطلبات الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك، ومع تطلعات رؤية السعودية 2030 نحو التحول الرقمي الكامل في جميع القطاعات الاقتصادية.

السابق
ما الفرق بين الفاتورة المبسطة والفاتورة العادية في ضريبة القيمة المضافة؟