إن التنظيم يعني الترتيب والتنسيق ، وهو ما تسعى له كل المؤسسات الصغيرة والكبيرة، وبلا تنظيم تسود الفوضى هذا العالم، ويصعب انجاز أي تقدم ملموس . لذا فالتنظيم كما العشوائية عادة يكتسبها المرء ويحرص عليها، فتراك ترى البعض منظماً مرتباً تسير حياته وفق تخطيط دقيق، وآخرين حياتهم عشوائية بحتة ملؤها العشوائية واللاتخطيط وعدم الدقة في المواعيد، ونسيان الكثير من المهام الضرورية ، وعدم اتمام كل عمل بدقة ، وكل هذا يرجع إلى أهمية التنظيم في حياة كل شخص كان صغيراً أم كبيراً ، موظفاً أم مديراَ ؛ فالتنظيم أول خطوة للنجاح واتمام الأعمال على أكمل وجه.
والتنظيم يرافقه دفتر ملاحظات يكتب عليها طريقة التنظيم، والأعمال المطلوب انجازها؛ فهناك عدة طرق لتنظيم اليوم منها: يقسم الفرد صفحات دفتره ، كل منها تمثيل يوماً واحداً فقط. ومن ثم يقسم كل صفحة الى 7 أعمدة، كل عمود يمثل ركناً واحداً؛ فالأول الركن الركن الروحي أو الديني، والثاني الركن الصحي، والثالث الركن العائلي ، والرابع الركن الشخصي ، والخامس الركن المهني ، والسادس الركن المالي ، والسابع الركن الاجتماعي. وتحت كل ركن تندرج أعمال المرء التي ينبغي عليه القيام بها في كل يوم. ويفضل البعض تنظيم واعداد الأعمدة اليومية ليلاً، وآخرين يفضلون في الصباح الباكر. على أن يحتوي الركن الأهم وهو الديني كل العبادات الفعلية والقلبية التي سيقوم بها المرء ومنها ما هو ثابت يومياً؛ كالصلاة وقراءة ورد من القرآن الكريم، ومنها ما هو متغير؛ كالصدقة وصلة الرحم والصيام وغيرها. والجدير بالذكر أن ادراج الأوقات المحددة امام كل فعل أمر ضروري لكن يجب التحلي بالمرونة الكافية؛ اذ من المتوقع جداّ ان تحدث أمور طارئة واشياء مفاجئة ، أو يتم تأجيل موعيد أو تقديمه؛ لذا فهناك ما يسمى (بالوقت الحر) وهو فترة زمنية يقسمها الفرد بين قائمة الأعمال ليتم تدارك أي تغير مفاجئ في الترتيب. فمن ينظم وقته يتسم بالمرونة الكافية لتغيير الأعمال وأوقاتها حسب الطوارئ الحادثة.
وبالعودة للركن الثاني في العمود الثاني من نفس صفحة ذاك اليوم فإننا نجد أنه ركن الصحة ، فلا شيء من الاعمال يمكن القيام بها إذا كان المرء مسلوب الصحة سقيم الحال يشغله مرضه ويهدر قواه عبثاً، لذا فالصحة السليمة تأتي مباشرة بعد الجانب الروحي، وتحت هذا الركن يدرج ممارسة الرياضة الصباحية ، وتناول المأكولات الصحية؛ كالفواكة والخضار، والتقليل من اللحوم الحمراء والمعلبات والمواد الحافظة والمنبهات، والإكثار من شرب الماء وغيرها . وهكذا تغدو صحة الإنسان قوية تمده بالقوة الجسدية والعقلية والعاطفية .
ويلي هذين الجانبين الجانب العائلي اذ لابد أن كل امرئ يعيش ضمن اسرة تربطه بهم علاقات، لذا لابد من تكوين علاقات جيدة بينه وبين أفراد أسرته ليستمر كفرد ناجح في الحياة، ولا تعيق علاقاته نجاحه .
أما الركن الشخصي فهو يتعلق بتنمية ذاته بقراءة الكتب والاطلاع على المستجدات ، والالتحاق بالدورات والندوات ، وورشات العمل والمؤتمرات التي تدعم تخصصه وتثري مخزونه الثقافي.
ومن ثم يأتي الركن المهني وتنظيمه ، فلا يقل أهمية عن التنظيم العام إذ لابد من الشخص العامل أن يلتزم بساعات دوامه، وينجز أهم المهام المطلوبة منه؛ فالتنظيم يساعده في أن يصل في الموعد المقرر في مكان عمله، وأن يكون نشيطاً وينجز أعماله بسرعة أكبر.
أما الركن التالي فهو الركن المالي ويتعلق بما سبقه ، وفيه تدرج الأعمال والأمور التي تزيد من دخل المرء، وتحقق له كمية أكثر من المال؛ كمساهمته في مشاريع أخرى أو انجاز اعمال اضافية، واستغلال الدوام الاضافي أو الأعمال الحرة وهكذا.
وآخر جانب هو الجانب الإجتماعي الذي من شأنه أن يقوي علاقات المرء بغيره من الناس من فئات وشرائح مختلفة، فتخدم هذه العلاقات مصالحه ، وتساعده في الوصول إلى هدفه في الحياة.
حري بالمرء ألا يطغي ركن على آخر، وان يحاول قدر المكان استغلال وقته فيما يجعله شخصاً أفضل روحياً وصحياً واجتماعياً وأسرياً ومهنياً. وهناك طرق اخرى لتنظيم الوقت منها ؛ تقسيم ال 24 ساعة في اليوم إلى ثلاث أقسام كل قسم ثماني ساعات. أحداها في العمل وهي تحقق الجانب المالي أيضاً أو في الدراسة وهي تحقق الجانب الشخصي والقسم الاخر من الساعات يقسم بين الترفيه والعلاقات الاجتماعية وتنمية الذات وغيرها. واخر قسم يكون للنوم . والجدير بالذكر أن ساعات النوم الصحية تقريباً 6 ساعات أو 7 ساعات للشخص البالغ العاقل وأفضلها ليلاً. وبتنظيم الوقت يتسع اليوم للمزيد والمزيد من الأعمال، فالوقت – كما قيل- ” كالسيف إن لم تقطعه قطعك”