أحياناً يكون الحب من النوع الذي يعذب محبوبه لعدة أسباب إما لأنه مستحيل أو لأنه من طرف واحد أو لأن المحبوب من هواياته تعذيب من يحب، وفي مقالي هذا سوف تجد كلام في عذاب الحب.
كلام في عذاب الحب
صعب أن تحبّ شخصاً لا يحبّك، والأصعب أن تستمرّ في حبّه رغم عدم إحساسه بك.
مِن المؤلم أن تمر عليك لحظة تتمنّى التّخلّص فيها من ذاكراتك، وأن تكتشف بعد فوات الأوان أنّك مدرج لديهم في قائمة الأغبياء.
عندما تنتظر شخصاً ما لدرجه الجنون، فإنّك حتماً ستفقد حلاوة لقائهِ بسبب إهماله.
صعب أن تقع في الحبّ في الزّمن الخاطئ، والأصعب أن يتوافق ذلك مع الشّخص الخاطئ.
صعب أن يعود الحبّ كما كان بعد الفراق، والأصعب أن نظلّ ننتظر عودته كما كان.
صعب أن تختار من تحبّ، والأصعب أن تحاول كراهية من كنت تحبّ.
صعب أن تضحّي من أجل الحبّ، والأصعب ألّا تجد من تضحّي لأجله.
صعب أن تحبّ أكثر من شخص في حياتك، والأصعب أن تجمع أكثر من حبّ في وقت واحد.
من الصّعب الاختيار بين الحبّ والكرامة، والأصعب أن تكون مجبراً على التّنازل عن أحدهم.
حبيبي، شكراً لأنّك جرحتني بكلماتك قبل رحيلك، لأننّي حين أحنّ إليك أتذكّر كلماتك فأكرهك.
أعطيتها قلبي وحبّي وعطفي، لكنّها أضاعت كلّ شيء، فسألت نفسي أين ذلك الحبّ؟ فأجابتني بأنّه في عالم الضّياع.
أريد أن أرتوي بأحضانك واهمس في أذنيك “أحبّك” لكنّني كلّما أردت أقولها لك أراك تحدّثني عن حبّك لها، فأرى نفسي جامدةً صامتةً.
صعب أن يجافيك الحبيب لأسباب غير واضحة، والأصعب ألّا يبرّر لك غيابه رغم سؤالك الدّائم عنه.
عندما تنتظر شخصاً ما لدرجه الجنون، فإنّك حتماً ستفقد حلاوة لقائهِ بسبب إهماله.
ما أصعب أن تعيش داخل نفسك وحيداً بلا صديق، بلا رفيق، بلا حبيب، فتشعر أنّ الفرح بعيد، وتعاني من جرح لا يطيب، جرح عميق، جرح عنيد، جرح لا يداويه طبيب.
صعب هو الوداع في الحبّ، والأصعب أن ينتهي الحبّ دون كلمة وداع.
ما أصعب أن تفقد شخصاً كان هو كلّ أحلامك.
بقي لغياب الشّمس لحظات، لحظات وياًتي المساء، وفي المساء يأتي الوداع، وفي الوداع تبكي العيون، ومن تلك الدّموع تنطفئ كلّ الشّموع، إلّا شمعة أوقدها دمعي كي لا ينسى أنّ الوداع كان من أشدّ الآلامالخيانةالوداعالضياعغير ممكن.
مِن المؤلم أن تتظاهر بما ليس في داخلك كي تحافظ على بقاء صورتك جميلةً، وأن تصافح بحرارة يداً تدرك تماماً مدى تلوّثها، وأن تنحني لذلّ العاصفة كي لا تقتلعك من مكانك الذي تحرص على بقائك فيه، وأن تبتسم في وجه إنسان تتمنّى أن تبصق في وجهه وتمضي.
صعب أن تقتل الحبّ من قلبك، والأصعب أن يحاول الآخرون قتل هذا الحبّ.
ما أصعب أن تبكي بلا دموع، وما أصعب أن تذهب بلا رجوع، وما أصعب أن تشعر بالضّيق وكأنّ المكان من حولك يضيق.
مِن المؤلم أن تشعر بأنكَ خسرت أشياء كثيرة لم يعد عمرك يسمح باسترجاعها، وأن تلتقي شخصاً شاطرك نفسك يوماً، فتكتشف أنّ مشاغل الحياة قد غيّبتك من ذاكرته تماماً، ومن المؤلم أن تصل يوماً إلى قناعة أنّ كلّ من مرّ بك أخذ جزءاً منك ومضى.
تحمّلت منك الذّلّ وجراحة، ودست على قلبي وقلت: حبيبي مهما تسوّي أنا مرتاحة.
أعطيتُها كلّ شيء، ورسمت لها كلّ شيء، أضأتُ لها كلّ الشّموع، ومسحت بيدي لها كلّ الدّموع، نسيانها أمر مستحيلٌ لكنّني نسيت أنّ النّسيان أمر مستحيل.
ما أصعب أن تشعر بالحزن العميق وكأنّه كامنٌ في داخلك، فتستكمل وحدك الطّريق بلا هدفٍ، بلا شريك، بلا رفيق، وتصير أنتَ والحزن والنّدم فريق، وتجد وجهك بين الدّموع غريق، ويتحوّل الأمل الباقى إلى بريق!
صعب أن ينتهي الحبّ الصّادق نتيجةً لأمر تافه، والأصعب أن يستمرّ الفراق؛ لأنّ كلّ طرف ينتظر إشارة الرّجوع من الآخر.
إذا رأيت ذئباً يقطف الزّهور ثُمّ يرميها فلا تتعجّب، فإنَّ بعض البشر يقطفون قُلوب أحبّتهم ثُمّ يدوسونها بِلا مشاعر أو رحمة.
ما أصعب أن تتكلّم بلا صوت، وأن تحيى كي تنتظر الموت، وما أصعب أن تشعر بالسّأم فترى كلّ من حولك عدم، ويسودك إحساس النّدم على إثم لا تعرفه، وذنب لم تقترفه.
أيّامي سوداء لا ترى الشمس، يسكنها الصّمت والعذاب، وتغمرها ظلمة الّليل، ولا تعرف معنى الألوان، أيّام غاب فيها القمر، ولم تعد تتقن سوى لغة البكاء، أيّام تحتضر، أياّم كالأشباح، أيّام انقطعت فيها الأنفاس وتملّكني فيها اليأس والضّياع.
ألا ياعين لا تبكي، عيشي نعمة النّسيان، خسارة دمعتك تنزل على من لا يراعيها.
ما زالت الجراح في قلبي، جراح مازالت تنزف، جراح تعفّنت من كثرة الدّماء، جراح أبكتني حتّى جفّت كلّ دموعي، جراح أطفأت رغبتي بالاستمرار في الحياة.
مِن المؤلم أن ترى الأشياء حولك تتلوّث، وتتألم بصمت، أن يداخلك إحساس مقلق بأنّك قد تسبّبت في ظلم إنسان ما، أن تجد نفسك مع الوقت قد بدأت تتنازل عن أحلامك واحداً تلو الآخر، أن تضحك بصوت مرتفع كي تخفي بكاءك، أن ترتدي قناع الفرح كي تخفي ملامح حزن وجهك الحقيقيّ.
مِن المؤلم أن تقف أمام المرآة فلا تتعرّف على نفسك، أن تنادي بصوت مرتفع فلا يصل صوتك، أن تشعر بالظّلم وتعجز عن الانتصار لنفسك، أن تبدأ بالتّنازل عن أشياء تحتاج إليها باسم الحبّ.
الفراق حزن كلهيب الشّمس يبخّر الذّكريات من القلب ليسمو بها إلى عليائها، فتحجبه العيون بنثر مائها لتطفئ لهيب الذّكريات.
مِن المؤلم أن تضطر إلى تغيير بعض مبادئك لتساير الحياة، أن تضطر يوماً إلى القيام بدور لا يناسبك، أن تضع أجمل ما لديك تحت قدميك كي ترتفع عالياً وتصل إلى القمّة.
مِن المؤلم أن يداخلك إحساس بأنّك سبّبت التّعاسة لإنسانٍ ما، وأن تقف عاجزاً عن الإحساس بشعور جميل يتضّخم بِه قلب أحدهم تجاهك، وأن تكتشف أنّك تمثّل شطراً عظيماً من خارطة أحلام إنسان ما، وتدرك خذلانك المسبق هو أن تمدّ يدك لانتشال أحدهم فيسحبك لإغراقك معه.
حياة خالية فارغة سوداء، ووحدة قاتلة، ولغة الصّمت تسود المكان، والألم جاثم على أنقاض الفؤاد، بل تلبس حتّى الجسد، أحسّ بالغربة ومرارة العيش، الوحدة تقتلني، والوجع يسكنني، وذكريات الماضي تشغلني، وأشعر أنّ همومي ستخنقني وأحزاني ستغرقني.
صعب أن تختار بين أكثر من حبّ، والأصعب ألّا تجد من يستحق الاختيار.
مِن المؤلم أن تعاشر أناساً فرضت عليك الحياة وجودهم في محيطك، وأن ترفع رأسك عالياً فترى الأقزام قد أصبحوا أطول قامةً منك، وأن تغمض عينيك على حلم جميل، وتستيقظ على وهم مؤلم، وأن تقف فوق محطّة الحياة في انتظار ما تعلم قبل سواك أنّه لن يأتي أبداً.
أيّها الزّمن البعيد، زمن أحبابي أحلامي آهاتي، كنت كالزّهرة تقفزُ بين مخالبك، وأشدو تغاريد ألحانك، أين أنت يا زمن؟ فلم يبقى منك إلّا الذّكريات، أحنّ إليها لأنّها جزء منّي، أحيا بها وأغرق بين طيّاتها.
من أجل عينيها بالغت في الأحلام لكنّني فوجئت بالأوهام، أوهامي لم أصل إليها بعد، بالنّار والجمر أحرقتني، حكايتي معها أتعبتني، فنسيت أنّ الأماني تزول تحت أقدام القدر، سقيتها الحلو بيدي، وسقتني المرّ بأكمله، وكبرنا وكبرت معنا الحياة، وأشعلت نيران الجمر، وأبكت كلّ العيون.